وَلَوْ سَرَقَ آنِيَةً فِيهَا خَمْرٌ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الآْنِيَةِ بِدُونِ الْخَمْرِ تَبْلُغُ النِّصَابَ، أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَكِنَّهُ لَوْ سَرَقَ كُتُبًا غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ شَرْعًا، كَكُتُبِ السِّحْرِ وَالزَّنْدَقَةِ، فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَرَقِ وَالْجِلْدِ تَبْلُغُ نِصَابًا.
وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَالاً مُحْتَرَمًا شَرْعًا، سَوَاءٌ أَكَانَ تَافِهًا أَمْ ثَمِينًا، يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ أَوْ لاَ، مُبَاحَ الأَْصْل أَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ. كَمَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ أَوِ الْكُتُبَ النَّافِعَةَ، مَا دَامَتْ قِيمَتُهَا تَبْلُغُ النِّصَابَ (١) .
وَلاَ يَرَى الْمَالِكِيَّةُ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ يَسْرِقُ مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فِي شَجَرِهِ، أَوْ مِنَ الزَّرْعِ قَبْل حَصْدِهِ، فَإِذَا قُطِعَ الثَّمَرُ وَحُصِدَ الزَّرْعُ وَلَمْ يَصِل إِلَى الْجَرِينِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: الْقَطْعُ سَوَاءٌ ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ أَمْ لاَ.
الثَّانِي: لاَ يُقْطَعُ مُطْلَقًا.
الثَّالِثُ: إِذَا سُرِقَ قَبْل ضَمِّ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ لاَ يُقْطَعُ فَإِذَا ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ قُطِعَ.
وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ مَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَارِسٌ وَإِلاَّ فَلاَ خِلاَفَ فِي قَطْعِ سَارِقِهِ وَكَذَا إِذَا وَصَل إِلَى
(١) المدونة الكبرى ١٦ / ٧٧، ٧٨، الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٣٣٦، الخرشي على خليل ٨ / ٩٦، شرح الزرقاني ٨ / ٩٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute