للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُبْهَةٍ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ. أَمَّا مَنْ يَسْرِقُ مِنْ مَال الْوَقْفِ الْخَاصِّ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، فَفِي حُكْمِهِ رِوَايَتَانِ: أَشْهَرُهُمَا: إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ الْوَقْفِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ. وَالأُْخْرَى: لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْمٍ مَحْصُورِينَ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ حَقِيقَةً (١) .

٢٢ - د - السَّرِقَةُ مِنْ مَال الْمَدِينِ: إِذَا سَرَقَ الدَّائِنُ مِنْ مَال مَدِينِهِ فَفِي وُجُوبِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ: أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.

١ - فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، فَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّارِقِ؛ لأَِنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ جِنْسَ دَيْنِهِ مِنْ مَال الْمَدِينِ، سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلاً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ بَاذِلاً لَهُ، أَمْ كَانَ جَاحِدًا لَهُ مُمَاطِلاً فِيهِ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، إِذْ أَطْلَقَ الْقَطْعَ بِسَرِقَةِ مَال الْغَرِيمِ؛ لأَِنَّ السَّارِقَ يَأْخُذُ مَالاً لاَ يَمْلِكُهُ، وَالْغَرِيمُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

٢ - وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسْرُوقُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ فَسَرَقَ عُرُوضًا، وَجَبَ إِقَامَةُ


(١) الروض المربع ٣ / ٣٢٨، والمغني والشرح الكبير ١٠ / ٢٨٨.