وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الشِّبَعِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ. عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَسَنُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ الشِّبَعُ، بَل يَكْتَفِي بِمَا يَسُدُّ الرَّمَقَ بِحَيْثُ يَصِيرُ إِلَى حَالَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي الاِبْتِدَاءِ لَمَا جَازَ لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا، لأَِنَّ الضَّرُورَةَ تَزُول بِهَذَا الْقَدْرِ، وَالتَّمَادِي فِي أَكْل الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مُمْتَنَعٌ.
قَال الْحَسَنُ: يَأْكُل قَدْرَ مَا يُقِيمُهُ؛ لأَِنَّ الآْيَةَ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا وَاسْتُثْنِيَ مَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ، فَإِذَا انْدَفَعَتِ الضَّرُورَةُ لَمْ يَحِل لَهُ الأَْكْل؛ لأَِنَّهُ بَعْدَ سَدِّ الرَّمَقِ أَصْبَحَ كَمَا كَانَ قَبْل أَنْ يَضْطَرَّ فَلَمْ يُبَحْ لَهُ الأَْكْل؛ وَلأَِنَّ الضَّرُورَةَ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِلَى جَوَازِ الشِّبَعِ لَهُ مِنْ لَحْمِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا؛ لأَِنَّ الآْيَاتِ الَّتِي أَبَاحَتْ ذَلِكَ أَطْلَقَتْ وَلَمْ تُقَيِّدْهُ بِسَدِّ الرَّمَقِ، وَلأَِنَّ لَهُ تَنَاوُل قَلِيلِهِ فَجَازَ لَهُ الشِّبَعُ مِنْهُ.
وَفَرَّقَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ مُسْتَمِرَّةً كَأَنْ يَكُونَ بَعِيدًا عَنِ الْعُمْرَانِ وَخَافَ إِنْ تَرَكَ الشِّبَعَ أَنْ يَهْلَكَ فَيَجُوزُ لِهَذَا وَأَمْثَالِهِ الشِّبَعُ، لأَِنَّهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ عَادَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ عَنْ قُرْبٍ.
وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ مَرْجُوَّةَ الزَّوَال، كَأَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ وَيَتَوَقَّعَ الْحُصُول عَلَى طَعَامٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute