للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَ تَنْعَقِدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا عِنْدَ إِحْرَامِهِ، عَامِدًا كَانَ أَمْ سَاهِيًا، كَمَا لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الصَّلاَةَ تَبْطُل إِذَا أَحْرَمَ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ أَحْدَثَ عَمْدًا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَدَثِ الَّذِي يَسْبِقُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي: مِنْ غَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ رِيحٍ، وَكَذَا الدَّمُ السَّائِل مِنْ جُرْحٍ أَوْ دُمَّلٍ بِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ حَدَثٌ يُفْسِدُ الطَّهَارَةَ.

٣ - فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَْحْدَاثِ تَفْسُدُ طَهَارَتُهُ، وَلاَ تَبْطُل صَلاَتُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ بَعْدَ تَطَهُّرِهِ اسْتِحْسَانًا لاَ قِيَاسًا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلْسٌ أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلاَتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَكَلَّمُ. (١)

وَلأَِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ، وَالْعَبَادِلَةَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالُوا بِالْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الصَّلاَةِ فَتَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى صَلاَتِهِ.


(١) حديث: " من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي، فلينصرف، فليتوضأ ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٣٨٥ - ٣٨٦ - ط الحلبي) من حديث عائشة، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (١ / ٢٢٣ - ط دار الجنان) .