للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِلاَّ عَرَى عَنِ الْفَائِدَةِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الاِسْتِيفَاءُ لِيَحْصُل الزَّجْرُ، وَالْفَرْضُ أَنْ لاَ قُدْرَةَ عَلَيْهِ، وَإِذَا خَرَجَ وَالْحَال أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبًا لِلإِْيجَابِ حَال وُجُودِهِ لَمْ يَنْقَلِبْ مُوجِبًا لَهُ حَال عَدَمِهِ.

وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إِذَا زَنَى فِي عَسْكَرٍ لأَِمِيرِهِ وِلاَيَةُ إِقَامَةِ الْحَدِّ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَى؛ لأَِنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَالْقُدْرَةُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ خَرَجَ مِنَ الْعَسْكَرِ فَدَخَل دَارَ الْحَرْبِ فَزَنَى ثُمَّ عَادَ إِلَى الْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ لاَ يُقِيمُهُ، وَكَذَا لَوْ زَنَى فِي الْعَسْكَرِ وَالْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي أَيَّامِ الْمُحَارَبَةِ قَبْل الْفَتْحِ فَإِنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَهَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِمَا إِذَا كَانَ فِي الْعَسْكَرِ مَنْ لَهُ وِلاَيَةُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ، بِخِلاَفِ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ أَوِ السَّرِيَّةِ لأَِنَّهُ إِنَّمَا فَوَّضَ لَهُمَا تَدْبِيرَ الْحَرْبِ لاَ إِقَامَةَ الْحُدُودِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلإِْمَامِ، وَوِلاَيَةُ الإِْمَامِ مُنْقَطِعَةٌ ثَمَّةَ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً مِنْ نَحْوِ رِدَّةِ الْمَحْدُودِ وَالْتِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مَنْ أَتَى حَدًّا فِي الْغَزْوِ لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، لِمَا رَوَى جُنَادَةُ بْنُ أُمَيَّةَ قَال: كُنَّا مَعَ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ فِي الْبَحْرِ، فَأُتِيَ بِسَارِقٍ يُقَال لَهُ: مَصْدَرٌ، قَدْ سَرَقَ بُخْتِيَّةً، (١) فَقَال: قَدْ سَمِعْتُ


(١) أي ناقة من إبل العجم.