إِخْرَاجُهَا مِنْ مَالِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ، وَتُخْرَجُ مِنْ كُل مَالِهِ لأَِنَّهَا دَيْنٌ لِلَّهِ، فَتُعَامَل مُعَامَلَةَ الدَّيْنِ، وَلاَ تُزَاحِمُ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ؛ لأَِنَّ الثُّلُثَ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الدَّيْنِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمَال، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَدَيْنِ الآْدَمِيِّ.
ثُمَّ قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا اجْتَمَعَ دَيْنُ اللَّهِ مَعَ دَيْنِ الآْدَمِيِّ يُقَدَّمُ دَيْنُ اللَّهِ لِحَدِيثِ دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى (١) . وَقِيل: يُقَدَّمُ دَيْنُ الآْدَمِيِّ، وَقِيل: يَسْتَوِيَانِ.
وَذَهَبَ الأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنَ الثُّلُثِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا وَلاَ يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثَ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ بِمَعْنَى أَنَّهَا لاَ يَجِبُ إِخْرَاجُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ تُزَاحِمُ سَائِرَ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا سَقَطَتْ، لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، فَسَقَطَتْ بِمَوْتِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ كَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ فَهِيَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ مِنْهُمْ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عُشْرُ الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ، فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لأَِنَّهُ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى مَئُونَةِ الأَْرْضِ. وَفِي رِوَايَةٍ: بَل يَسْقُطُ أَيْضًا.
(١) حديث: " دين الله أحق أن يقضى ". أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ١٩٢ - ط السلفية) ومسلم (٢ / ٨٠٤ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute