للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَبَتْ، وَجَبَتِ الْمُبَادَرَةُ بِإِخْرَاجِهَا عَلَى الْفَوْرِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ وَعَدَمِ الْخَشْيَةِ مِنْ ضَرَرٍ.

وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَمَتَى تَحَقَّقَ وُجُوبُهَا تَوَجَّهَ الأَْمْرُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِهَا، وَالأَْمْرُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ عِنْدَهُمْ؛ وَلأَِنَّهُ لَوْ جَازَ التَّأْخِيرُ لَجَازَ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ فَتَنْتَفِي الْعُقُوبَةُ عَلَى التَّرْكِ؛ وَلأَِنَّ حَاجَةَ الْفُقَرَاءِ نَاجِزَةٌ، وَحَقَّهُمْ فِي الزَّكَاةِ ثَابِتٌ، فَيَكُونُ تَأْخِيرُهَا مَنْعًا لِحَقِّهِمْ فِي وَقْتِهِ. وَسُئِل أَحْمَدُ: إِذَا ابْتَدَأَ فِي إِخْرَاجِهَا فَجَعَل يُخْرِجُهَا أَوَّلاً فَأَوَّلاً؟ قَال: لاَ، بَل يُخْرِجُهَا كُلُّهَا إِذَا حَال الْحَوْل. وَقَال: لاَ يُجْرِي عَلَى أَقَارِبِهِ مِنَ الزَّكَاةِ كُل شَهْرٍ، أَيْ مَعَ التَّأْخِيرِ.

ثُمَّ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ. وَمِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الأَْعْذَارِ: أَنْ يَكُونَ الْمَال غَائِبًا فَيُمْهَل إِلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إِحْضَارُهُ، وَأَنْ يَكُونَ بِإِخْرَاجِهَا أَمْرٌ مُهِمٌّ دِينِيٌّ أَوْ دُنْيَوِيٌّ، وَأَنْ يَنْتَظِرَ بِإِخْرَاجِهَا صَالِحًا أَوْ جَارًا.

وَمِمَّا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ فِي تَعْجِيل الإِْخْرَاجِ، مِثْل مَنْ يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل قَبْل مَجِيءِ السَّاعِي، وَيَخْشَى إِنْ أَخْرَجَهَا بِنَفْسِهِ أَخَذَهَا السَّاعِي مِنْهُ مَرَّةً أُخْرَى.

وَكَذَا إِنْ خَشِيَ فِي إِخْرَاجِهَا ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالٍ لَهُ سِوَاهَا، لأَِنَّ مِثْل ذَلِكَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ دَيْنِ الآْدَمِيِّ لأَِجْلِهِ، فَدَيْنُ اللَّهِ أَوْلَى.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَاضِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَا حَضَرَ مِنْ مَالِهِ وَمَا غَابَ دُونَ تَأْخِيرٍ