لَهُ: مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَمَنْ أَخَّرَهُ اللَّهُ؟ فَقَال: قَدَّمَ اللَّهُ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَالأُْمَّ وَالْجَدَّةَ، وَأَمَّا مَنْ أَخَّرَهُ اللَّهُ فَالْبَنَاتُ، وَبَنَاتُ الاِبْنِ، وَالأَْخَوَاتُ الشَّقِيقَاتُ، وَالأَْخَوَاتُ لأَِبٍ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَال: مَنْ أَهْبَطَهُ اللَّهُ مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ فَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ، وَمَنْ أَهْبَطَهُ اللَّهُ مِنْ فَرْضٍ إِلَى غَيْرِ فَرْضٍ فَهُوَ الَّذِي أَخَّرَهُ.
احْتَجَّ مَنْ قَال بِالْعَوْل بِأَنَّ الْوَرَثَةَ تَسَاوَوْا فِي سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْمُسَاوَاةَ فِيهِ فَيَأْخُذُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ حَقِّهِ إِنِ اتَّسَعَ الْمَحَل، فَإِنْ ضَاقَ تَحَاصَّوْا - كَالْغُرَمَاءِ - فِي التَّرِكَةِ، وَلاَ يَصِحُّ إِسْقَاطُ حَقِّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ، لأَِنَّهُ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ بِنَصٍّ ثَابِتٍ. وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ. (١)
وَيَحْتَجُّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْحُقُوقَ فِي الأَْمْوَال غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ، فَإِذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لاَ يَفِي بِهَا يُقَدَّمُ مِنْهَا مَا كَانَ أَقْوَى، فَفِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يُقَدَّمُ التَّجْهِيزُ، وَالدَّيْنُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْمِيرَاثُ، فَإِذَا ضَاقَتِ التَّرِكَةُ عَنِ الْفُرُوضِ يُقَدَّمُ الأَْقْوَى. وَلاَ شَكَّ أَنَّ مَنْ يُنْقَل مِنْ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ إِلَى فَرْضٍ آخَرَ مُقَدَّرٍ يَكُونُ صَاحِبَ فَرْضٍ مِنْ كُل وَجْهٍ، فَيَكُونُ أَقْوَى مِمَّنْ يُنْقَل مِنْ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ إِلَى فَرْضٍ آخَرَ غَيْرِ مُقَدَّرٍ، لأَِنَّهُ صَاحِبُ فَرْضٍ مِنْ وَجْهٍ وَعَصَبَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. فَإِدْخَال النَّقْصِ عَلَيْهِ أَوِ الْحِرْمَانِ أَوْلَى، لأَِنَّ ذَوِي الْفُرُوضِ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَصَبَاتِ.
٥٨ - وَلَقَدْ وُجِدَ بِالاِسْتِقْرَاءِ أَنَّ أُصُول الْمَسَائِل الَّتِي تَعُول هِيَ: مَا كَانَ أَصْلُهُ سِتَّةً، وَاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ.
(١) السراجية ص ١٩٥ - ١٩٦، والمبسوط ٢٩ / ١٦١ - ١٦٢ ط دار المعرفة، والعذب الفائض ١ / ١٦٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute