فِي مِثْل الْحَالَةِ الأَْخِيرَةِ: لَهُ قِيمَتُهُ كَامِلَةً لِلْجَبِّ، وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْجَبِّ لِلْخِصَاءِ.
وَاحْتُجَّ لِهَذَا الْقَوْل بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ سَعِيدٍ، وَابْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّقْدِيرِ فِي الْحُرِّ، لأَِنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِمَالٍ مِنْ كُل وَجْهٍ، بِدَلِيل أَنَّ فِي قَتْلِهِ الْقِصَاصَ وَالْكَفَّارَةَ بِخِلاَفِ سَائِرِ الأَْمْوَال (١) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى اعْتِبَارِ التَّقْدِيرِ بِالنِّسْبَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوْل الثَّانِي، لَكِنْ قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُزَادُ عَنْ دِيَةِ مِثْل ذَلِكَ الْعُضْوِ مِنَ الْحُرِّ، فَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَفِيهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، كَدِيَةِ الْحُرِّ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَهْمَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ، فَإِنَّ أَرْشَ يَدِهِ خَمْسَةُ آلاَفٍ إِلاَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لاَ يُزَادُ عَلَيْهَا.
قَالُوا: لأَِنَّ الْيَدَ مِنَ الآْدَمِيِّ نِصْفُهُ فَتُعْتَبَرُ بِكُلِّهِ، وَيَنْقُصُ هَذَا الْمِقْدَارُ إِظْهَارًا لاِنْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْحُرِّ. وَكُل مَا يُقَدَّرُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَهُوَ مُقَدَّرٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لأَِنَّ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ إِذْ هُوَ بَدَل الدَّمِ.
قَالُوا: وَمَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ فَقَدْ فَوَّتَ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ عَبْدَهُ إِلَى الْجَانِي وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلاَ شَيْءَ لَهُ مِنَ
(١) المغني ٨ / ٦٠، وكشاف القناع ٦ / ٢٢، وشرح المنهاج ٤ / ١٤٤، ١٤٥، وروضة الطالبين ٩ / ٣١٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute