كِلاَهُمَا رَقِيقٌ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا:
فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَنْصُوصَةِ عَنْهُ الَّتِي رَوَاهَا الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى صِحَّةِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً.
وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالْحَسَنِ، وَرَبِيعَةَ، وَإِسْحَاقَ. وَيُسْتَدَل لِهَذَا الْقَوْل بِعُمُومِ آيَاتِ اللِّعَانِ؛ وَلأَِنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ فَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ؛ وَلأَِنَّ الزَّوْجَ إِذَا كَانَ عَبْدًا يَحْتَاجُ إِلَى نَفْيِ الْوَلَدِ، فَيُشْرَعُ اللِّعَانُ طَرِيقًا لَهُ إِلَى نَفْيِ الْوَلَدِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ كِلاَهُمَا مَمْلُوكًا فَلاَ لِعَانَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَحَمَّادٍ، قَالُوا: لأَِنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، وَالرَّقِيقُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.
وَفِي قَوْلٍ لِلْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْمَقْذُوفَةُ أَمَةً فَيَصِحُّ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ لَهُ لِعَانُهَا لإِِسْقَاطِ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ؛ لأَِنَّ الْحَدَّ لاَ يَجِبُ، وَاللِّعَانُ إِنَّمَا يُشْرَعُ لإِِسْقَاطِ حَدٍّ أَوْ نَفْيِ وَلَدٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ امْتَنَعَ اللِّعَانُ (١) .
(١) المغني ٧ / ٣٩٢، وروضة الطالبين ٨ / ٣٣٢، ٣٥٥، والزرقاني ٤ / ١٨٧، وفتح القدير ٢ / ٢٤٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute