وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ نَفَقَةَ الدَّابَّةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَاجِبَةٌ، وَيَقْضِي بِهَا، لأَِنَّ تَرْكَهُ مُنْكَرٌ، وَإِزَالَتُهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهِ، خِلاَفًا لِقَوْل ابْنِ رُشْدٍ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَدَخَل فِي الدَّابَّةِ هِرَّةٌ عَمِيَتْ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى مَنِ انْقَطَعَتْ عِنْدَهُ حَيْثُ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الاِنْصِرَافِ، فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا؛ لأَِنَّ لَهُ طَرْدَهَا (١) .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ دَابَّةً لَزِمَهُ عَلَفُهَا وَسَقْيُهَا، وَيَقُومُ مَقَامَ الْعَلَفِ وَالسَّقْيِ تَخْلِيَتُهَا لِتَرْعَى وَتَرِدَ الْمَاءَ، إِنْ كَانَتْ مِمَّا يَرْعَى وَيَكْتَفِي بِهِ لِخِصْبِ الأَْرْضِ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَانِعُ ثَلْجٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَجْدَبَتِ الأَْرْضُ وَلَمْ يَكْفِهَا الرَّعْيُ لَزِمَهُ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَلَفِ مَا يَكْفِيهَا، وَيَطَّرِدُ هَذَا فِي كُل حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ (يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ) ، وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ ذَلِكَ أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ فِي الْمَأْكُولَةِ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ صِيَانَتِهَا عَنِ الْهَلاَكِ بِالْعَلَفِ أَوِ التَّخْلِيَةِ لِلرَّعْيِ أَوْ ذَبْحِهَا. وَفِي غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ عَلَى الْبَيْعِ أَوِ
(١) حاشية الدسوقي ٢ / ٥٢٢ ط. الفكر، جواهر الإكليل ١ / ٤٠٧ط. المعرفة، الخرشي ٤ / ٢٠١ - ٢٠٢ ط. بولاق، الزرقاني ٤ / ٢٥٨ - ٢٥٩ ط. الفكر، التاج والإكليل مع مواهب الجليل ٤ / ٢٠٦ - ٢٠٧ ط. النجاح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute