١٧ - دَلاَلَةُ الْفِعْل عَلَى الرِّضَا (الْبَذْل) أَيْ عَرْضُ الشَّخْصِ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ الآْخَرُ فَيَدْفَعُ قِيمَتَهُ، وَهَذَا مَا يُسَمَّى بِالْمُعَاطَاةِ، أَيْ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، أَوِ الْقَوْل مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَرْضِ مِنَ الآْخَرِ، أَيِ الإِْعْطَاءِ مِنْ أَحَدٍ دُونَ قَوْلٍ، وَالْجَانِبُ الثَّانِي يُعَبِّرُ عَنِ الرِّضَا بِالْقَوْل، أَوِ الْكِتَابَةِ، أَوْ نَحْوِهِمَا.
وَقَدْ ثَارَ الْخِلاَفُ فِي مَدَى دَلاَلَتِهِ عَلَى الرِّضَا عَلَى ثَلاَثَةِ آرَاءٍ مُوجَزُهَا:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: عَدَمُ صَلاَحِيَةِ الْفِعْل (الْبَذْل) لِلتَّعْبِيرِ عَنِ الرِّضَا فِي الْعُقُودِ، هَذَا رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ.
الرَّأْيُ الثَّانِي: صَلاَحِيَتُهُ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْشَاءِ الْعَقْدِ بِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ - مَا عَدَا الْكَرْخِيَّ - وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ - مَا عَدَا الْقَاضِيَ - وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْهُمُ الْبَغَوِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ هَؤُلاَءِ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِالْعُرْفِ.
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: صَلاَحِيَتُهُ فِي الأَْشْيَاءِ الرَّخِيصَةِ، وَعَدَمُ صَلاَحِيَتِهِ فِي الْغَالِيَةِ وَالنَّفِيسَةِ، وَهَذَا رَأْيُ الْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنِ سُرَيْجٍ، وَالْغَزَالِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ (١) .
(١) فتح القدير ٥ / ٧٧، وبدائع الصنائع ٦ / ٢٩٨٥، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٣، وشرح الخرشي ٥ / ٥، والمغني ٣ / ٥٦١، والإنصاف ٤ / ٢٦٣، وفتح العزيز ٨ / ٩٩، والمجموع ٩ / ١٦٢ - ١٦٣، مجمع الأنهر ٢ / ٥، والبحر الرائق ٥ / ٢٩١، وإحياء علوم الدين ٢ / ٦٩، والغاية القصوى ١ / ٤٥٧، والمحلى ٩ / ٢٩٤
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute