فَالرِّضَا لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا وَلاَ لَهُ أَثَرٌ فِيهَا، فَقَدْ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الإِْكْرَاهِ عِنْدَهُمْ، فَبَلَغَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تَصَرُّفًا، مِنْهَا الطَّلاَقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعَتَاقُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالْحَلِفُ بِطَلاَقٍ وَعَتَاقٍ وَظِهَارٍ، وَالإِْيلاَءُ، وَقَبُول الْمَرْأَةِ الطَّلاَقَ عَلَى مَالٍ. . وَيَقُول ابْنُ الْهُمَامِ: وَيَقَعُ طَلاَقُ الْمُخْطِئِ؛ لأَِنَّ الْغَفْلَةَ عَنْ مَعْنَى اللَّفْظِ خَفِيٌّ، فَأُقِيمَ تَمْيِيزُ الْبُلُوغِ مَقَامَهُ "، وَعَلَّل عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعَقْدِ تُعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ الدَّال عَلَيْهِ (١) .
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فَتَدُورُ عِبَارَاتُهُمْ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الرِّضَا أَصْلٌ أَوْ أَسَاسٌ أَوْ شَرْطٌ لِلْعُقُودِ كُلِّهَا، فَعَلَى ضَوْءِ مَا صَرَّحُوا بِهِ إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الرِّضَا لاَ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَالِيًّا أَمْ غَيْرَ مَالِيٍّ، يَقُول الدُّسُوقِيُّ وَالْخَرَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا: إِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا، وَإِنَّ انْتِقَال الْمِلْكِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الرِّضَا " وَيَقُول الزَّنْجَانِيُّ الشَّافِعِيُّ: الأَْصْل الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْعُقُودُ الْمَالِيَّةُ. . اتِّبَاعُ التَّرَاضِي. . ".
(١) خزانة الفقه، وعيون المسائل، بتحقيق صلاح الدين الناهي - ط. بغداد سنة ١٩٦٦ (١ / ٤٠٥ - ٤٠٦) ، والتحرير مع شرحه تيسير التحرير ٢ / ٣٠٦، وكشف الأسرار ٤ / ٣٥٤، والتلويح ٣٨٩، وشرح المنار ص ٩٧٨، ومجامع الحقائق ص ٢٩٨، والدر المختار ٣ / ١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute