الشَّوَارِعِ، وَحَرِيمِ الأَْمْصَارِ، وَمَنَازِل الأَْسْفَارِ فَتَنْقَسِمُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَخْتَصُّ الاِرْتِفَاقُ فِيهِ بِالصَّحَارِيِ وَالْفَلَوَاتِ، وَقِسْمٌ يَخْتَصُّ الاِرْتِفَاقُ فِيهِ بِأَفْنِيَةِ الأَْمْلاَكِ، وَقِسْمٌ يَخْتَصُّ بِالشَّوَارِعِ وَالطُّرُقَاتِ.
وَالْقِسْمُ الأَْوَّل ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لاِجْتِيَازِ السَّابِلَةِ وَاسْتِرَاحَةِ الْمُسَافِرِينَ فِيهِ فَلاَ نَظَرَ لِلسُّلْطَانِ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْهُ وَضَرُورَةِ السَّابِلَةِ فِيهِ. وَاَلَّذِي يَخْتَصُّ السُّلْطَانُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ إِصْلاَحُ عَوْرَتِهِ " خَلَلِهِ " وَحِفْظُ مِيَاهِهِ، وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَنُزُولُهُ، وَيَكُونُ السَّابِقُ إِلَى الْمَنْزِل أَحَقَّ بِحُلُولِهِ مِنَ الْمَسْبُوقِ حَتَّى يَرْتَحِل. فَإِنْ وَرَدُوهُ عَلَى سَوَاءٍ وَتَنَازَعُوا فِيهِ، نَظَرَ فِي التَّعْدِيل بَيْنَهُمْ بِمَا يُزِيل تَنَازُعَهُمْ. وَكَذَلِكَ الْبَادِيَةُ إِذَا انْتَجَعُوا أَرْضًا طَلَبًا لِلْكَلأَِ وَارْتِفَاقًا بِالْمَرْعَى وَانْتِقَالاً مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ كَانُوا فِيمَا تَرَكُوهُ وَارْتَحَلُوا عَنْهُ كَالسَّابِلَةِ لاَ اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ فِي تَنَقُّلِهِمْ وَرَعْيِهِمْ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي. أَنْ يَقْصِدُوا بِنُزُولِهِمْ بِهَا الإِْقَامَةَ وَالاِسْتِيطَانَ، فَلِلسُّلْطَانِ فِي نُزُولِهِمْ بِهَا نَظَرٌ يُرَاعَى فِيهِ الأَْصْلَحُ فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِالسَّابِلَةِ مُنِعُوا مِنْهَا قَبْل النُّزُول وَبَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالسَّابِلَةِ رَاعَى الأَْصْلَحَ فِي نُزُولِهِمْ بِهَا أَوْ مَنَعَهُمْ مِنْهَا وَنَقَل غَيْرَهُمْ إِلَيْهَا، كَمَا فَعَل عُمَرُ حِينَ مَصَّرَ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ. نَقَل إِلَى كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الْمِصْرَيْنِ مَنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، لِئَلاَّ يَجْتَمِعَ فِيهِ الْمُسَافِرُونَ، فَيَكُونَ سَبَبًا لاِنْتِشَارِ الْفِتْنَةِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، كَمَا يُفْعَل فِي إِقْطَاعِ الْمَوَاتِ مَا يُرَى، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنُوهُ حَتَّى نَزَلُوا فِيهِ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْهُ. كَمَا لاَ يَمْنَعُ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَدَبَّرَهُمْ بِمَا يَرَاهُ صَلاَحًا لَهُمْ، وَنَهَاهُمْ عَنْ إِحْدَاثِ زِيَادَةٍ مِنْ بَعْدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute