الْحُكْمِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْل اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ. فَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ قَبْل الْحُكْمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ مَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ لِلتَّنَاقُضِ؛ وَلأَِنَّ الْحَاكِمَ لاَ يَدْرِي، أَصَدَقَ فِي الأَْوَّل أَمْ فِي الثَّانِي؟ فَيَنْتَفِي ظَنُّ الصِّدْقِ، وَكَذِبُهُ ثَابِتٌ لاَ مَحَالَةَ، إِمَّا فِي الشَّهَادَةِ أَوِ الرُّجُوعِ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ فِي مَالٍ لِعَدَمِ الإِْتْلاَفِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ رُجُوعُهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي زِنَى حُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ.
وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْل اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ لاَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمَال، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَشَمْسِ الأَْئِمَّةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفَرَّقَ شَيْخُ الإِْسْلاَمِ خُوَاهَرْ زَادَهْ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَال: إِنْ كَانَ الْمَال عَيْنًا ضَمِنَ الشُّهُودُ، سَوَاءٌ قَبَضَهُ الْمُدَّعِي أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لاَ يَضْمَنُ الشُّهُودُ إِلاَّ إِذَا قَبَضَهُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْمَشْهُودُ لَهُ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْل الاِسْتِيفَاءِ فِي غَيْرِ الْمَال بِأَنْ كَانَ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ، فَلاَ تُسْتَوْفَى الْعُقُوبَةُ؛ لأَِنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلاَّ فِي قَوْلٍ لاِبْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لَكِنْ قِيل: إِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَاسْتَحْسَنَ عَدَمَ الاِسْتِيفَاءِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ لِلْمَشْهُودِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute