الإِْذْنُ فِي الضَّمَانِ - مَا إِذَا ثَبَتَ الضَّمَانُ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ، كَأَنِ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الآْخَرِ بِإِذْنِهِ، فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَغَرَّمَهُ، لَمْ يَرْجِعْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ؛ لِكَوْنِهِ مُكَذِّبًا بِالْبَيِّنَةِ، فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ، فَلاَ يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَكَذَا لَوْ قَال الضَّامِنُ بِالإِْذْنِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلاَنٍ وَلاَ أَرْجِعَ بِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا أَدَّى لاَ يَرْجِعُ.
وَإِنْ أَذِنَ الْمَدِينُ فِي الأَْدَاءِ وَانْتَفَى الإِْذْنُ فِي الضَّمَانِ فَضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَأَدَّى بِالإِْذْنِ، فَلاَ رُجُوعَ لَهُ فِي الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: يَرْجِعُ؛ لأَِنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنِ الأَْصِيل بِإِذْنِهِ،
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَدَّى وَشَرَطَ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ. (١)
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ بَنَوْا ثُبُوتَ الْحَقِّ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ عَلَى النِّيَّةِ. قَالُوا: إِنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ لَمْ يَرْجِعْ؛ لأَِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ سَوَاءٌ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ أَمْ لاَ، وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّمَانُ أَوِ الْقَضَاءُ بِإِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ أَمْ بِدُونِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّهُ قَضَاءٌ مُبَرِّئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، كَالْحَاكِمِ إِذَا قَضَاهُ عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَضَاءٍ وَلاَ ضَمَانٍ، وَأَمَّا
(١) مغني المحتاج ٢ / ٢٠٩
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute