للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّكَاةِ؛ لأَِنَّ أَثَرَ هَذَا الدَّيْنِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الآْخِرَةِ وَهُوَ الثَّوَابُ بِالأَْدَاءِ وَالإِْثْمُ بِالتَّرْكِ، وَلإِِطْلاَقِ الأَْدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلزَّكَاةِ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ ابْنِ عَتَّابٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الأَْمْوَال عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَال: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُول: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلِيُؤَدِّهِ حَتَّى تُخْرِجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ. وَلِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى (١) .

وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ يَمْنَعُ زَكَاةَ الْمَال الْبَاطِنِ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ وَلاَ يَمْنَعُ زَكَاةَ الْمَال الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ وَالْمَعَادِنُ.

وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ لِدُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا فِي ذَلِكَ دَيْنُ الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ. فَالْحُكْمُ السَّابِقُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ دَيْنِ الزَّكَاةِ.

أَمَّا مَنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ زَكَاةُ سَنَوَاتٍ مَضَتْ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاةِ الْحَاضِرَةِ.

فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ دَيْنُ الزَّكَاةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ الْحَاضِرَةِ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ فِي


(١) حديث: " دين الله أحق أن يقضى " سبق تخريجه ف / ٣.