دُيُونِ الْمَرَضِ أَنَّ الْحُقُوقَ إِذَا اجْتَمَعَتْ فِي مَال الْمَيِّتِ يُقَدَّمُ الأَْقْوَى، كَالدَّيْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ تُقَدَّمُ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَدَيْنُ الصِّحَّةِ هُنَا أَقْوَى، لأَِنَّهُ ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ حَقٌّ أَصْلاً، وَلَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ نَوْعُ حَجْرٍ، وَلِهَذَا صَحَّ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَال، بِخِلاَفِ دَيْنِ الْمَرَضِ الَّذِي ثَبَتَ فِي حَالٍ تَعَلَّقَ بِأَمْوَالِهِ دَيْنُ صِحَّتِهِ، وَصَارَتْ هَذِهِ الأَْمْوَال مَحِلًّا لِلْوَفَاءِ بِهِ، وَضَمَانًا لَهُ، وَوَرَدَ عَلَيْهِ فِيهِ نَوْعُ حَجْرٍ، أَلاَ تَرَى أَنَّ تَبَرُّعَاتِهِ لاَ تَنْفُذُ إِلاَّ مِنَ الثُّلُثِ، فَكَانَ الأَْقْوَى أَوْلَى. وَسَبَبُ إِلْحَاقِ الدُّيُونِ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي حَال مَرَضِهِ بِالْبَيِّنَةِ بِدُيُونِ الصِّحَّةِ فِي الْحُكْمِ هُوَ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ فِي ثُبُوتِهَا، إِذِ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ لاَ مَرَدَّ لَهُ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ فِي حَال الْمَرَضِ (١) .
٣٧ - وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ الدَّائِنِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أ - دَيْنِ اللَّهِ: وَهُوَ كُل دَيْنٍ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْعِبَادِ مَنْ يُطَالِبُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
نَوْعٌ يَظْهَرُ فِيهِ وَجْهُ الْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَا لاَ مُقَابِل لَهُ مِنَ الْمَنَافِعِ الدُّنْيَوِيَّةِ، كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَفِدْيَةِ الصِّيَامِ، وَدُيُونِ النُّذُورِ،
(١) قرة عيون الأخيار ٢ / ١٣٠، تكملة فتح القدير ٧ / ٥، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق ٥ / ٢٣، المبسوط ١٨ / ٢٧
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute