الْمُسْتَحِقُّ الْوَحِيدُ فِي دِيَةِ الأَْطْرَافِ وَالْمَعَانِي.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ تَسْقُطُ بِعَفْوِ أَوْ إِبْرَاءِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. وَإِذَا عَفَا أَوْ أَبْرَأَ بَعْضُهُمْ دُونَ الْبَعْضِ يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ عَفَا وَتَبْقَى حِصَّةُ الآْخَرِينَ فِي مَال الْجَانِي إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، وَعَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ كَانَتْ خَطَأً.
وَاتَّفَقُوا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ دَمِ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا وَجَبَ لَهُ الدَّمُ مِثْل أَنْ يَعْفُوَ بَعْدَ إِنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ عَمْدًا كَانَ الْقَتْل أَوْ خَطَأً.
وَإِذَا صَارَ الأَْمْرُ إِلَى الدِّيَةِ يَكُونُ الْعَفْوُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ فَيَنْعَقِدُ فِي الثُّلُثِ (١) .
أَمَّا إِذَا عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ دِيَةِ قَطْعِ عُضْوٍ، فَسَرَتِ الْجِنَايَةُ إِلَى عُضْوٍ آخَرَ أَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهَل يَشْمَل الْعَفْوُ دِيَةَ النَّفْسِ أَوِ الْعُضْوِ الَّذِي سَرَتْ إِلَيْهِ الْجِنَايَةُ؟ فَفِيهِ مَا يَأْتِي مِنَ التَّفْصِيل:
أ - إِذَا عَفَا عَنِ الْقَطْعِ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ بِأَنْ قَال: عَفَوْتُ عَنْ جِنَايَتِكَ، أَوْ قَال: عَفَوْتُ عَنِ الْقَطْعِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، شَمَل الْعَفْوُ مَا يَحْدُثُ مِنَ الْقَطْعِ مِنْ إِتْلاَفِ عُضْوٍ آخَرَ أَوِ الْمَوْتِ.
وَإِنْ عَفَا عَنِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوَدٍ وَلاَ دِيَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَهَذَا الْعَفْوُ يَخُصُّ الْقَطْعَ، وَلاَ يَتَنَاوَل مَا يَسْرِي مِنْهُ مِنْ إِتْلاَفِ أَعْضَاءٍ
(١) فتح القدير مع الهداية ٨ / ٢٨٤، ٢٨٥، والبدائع ٧ / ٢٤٩، ومواهب الجليل مع المواق ٥ / ٨٦، ٨٧ و ٦ / ٢٥٥، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٧٦، وحاشية الجمل على المنهج ٥ / ٥٤، ٥٦، والمغني ٧ / ٧٤٨، وما بعدها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute