وَفِي بَيَانِ الْمُرَادِ مِنَ الْعَاقِلَةِ، وَتَحْدِيدِهَا، وَكَيْفِيَّةِ تَحْمِيلِهَا الدِّيَةَ، وَمِقْدَارُ مَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنَ الدِّيَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عَاقِلَة) .
١٤ - وَدِيَةُ الْقَتْل الْخَطَأِ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ، وَلاَ تُغَلَّظُ فِي أَيِّ حَالٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ قَالُوا بِتَغْلِيظِهَا فِي ثَلاَثِ حَالاَتٍ:
١ - إِذَا حَدَثَ الْقَتْل فِي حَرَمِ مَكَّةَ، تَحْقِيقًا لِلأَْمْنِ.
٢ - إِذَا حَدَثَ الْقَتْل فِي الأَْشْهُرِ الْحُرُمِ، أَيْ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ.
٣ - إِذَا قَتَل الْقَاتِل ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ. فَفِي هَذِهِ الْحَالاَتِ تَجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ؛ لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِيمَنْ قَتَل فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الأَْشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ مَحْرَمًا بِالدِّيَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ. وَلاَ تُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْل فِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُغَلَّظُ؛ لأَِنَّهَا كَالْحَرَمِ فِي تَحْرِيمِ الصَّيْدِ فَكَذَلِكَ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ (١) .
أَمَّا تَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، مَعَ بَيَانِ مَعْنَى التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فِي الدِّيَةِ.
وَتَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ صِنْفِ الْمَال الَّذِي يَمْلِكُهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ. فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الإِْبِل تُؤَدَّى فِي
(١) مغني المحتاج ٤ / ٥٤، والمهذب ٢ / ١٩٦، ١٩٧، والمغني ٧ / ٧٧٢، ٧٧٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute