ثَالِثُهَا: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْزِل مَنْ قَلَّدَهُ الْوَزِيرُ، وَلَيْسَ لِلْوَزِيرِ عَزْل مَنْ قَلَّدَهُ الإِْمَامُ.
وَالْوَزَارَةُ وِلاَيَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى عَقْدٍ، وَالْعُقُودُ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ الْمُشْتَمِل عَلَى شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عُمُومُ النَّظَرِ. وَالثَّانِي: النِّيَابَةُ.
فَإِذَا اقْتَصَرَ الإِْمَامُ عَلَى عُمُومِ النَّظَرِ دُونَ النِّيَابَةِ كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا بِوِلاَيَةِ الْعَهْدِ، إِذْ أَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ كَنَظَرِ الإِْمَامِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَنُوبُ عَنْهُ حَال حَيَاتِهِ، وَأَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَابَةِ دُونَ عُمُومِ النَّظَرِ كَانَتْ نِيَابَةً مُبْهَمَةً لَمْ تُبَيِّنْ مَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ بَيْنَ عُمُومِ النَّظَرِ وَالنِّيَابَةِ؛ لِتَنْعَقِدَ وَزَارَةُ التَّفْوِيضِ.
أَمَّا وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فَلاَ يَسْتَقِل بِالنَّظَرِ كَوَزِيرِ التَّفْوِيضِ، فَتَقْتَصِرُ مُهِمَّتُهُ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ الإِْمَامِ فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الإِْمَامِ وَالرَّعِيَّةِ يُبَلِّغُهُمْ أَوَامِرَهُ وَيُخْبِرُهُمْ بِتَقْلِيدِ الْوُلاَةِ، وَلِذَا لاَ يَحْتَاجُ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ إِلَى عَقْدٍ وَتَقْلِيدٍ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهَا مُجَرَّدُ الإِْذْنِ، وَتَقْصُرُ فِي شُرُوطِهَا عَنْ شُرُوطِ وَزَارَةِ التَّفْوِيضِ. وَلَمَّا قَصُرَتْ مُهِمَّتُهُ عَلَى تَبْلِيغِ الْخَلِيفَةِ وَالتَّبْلِيغِ عَنْهُ، اشْتُرِطَ فِيهِ الأَْمَانَةُ وَالصِّدْقُ، وَقِلَّةُ الطَّمَعِ، وَأَنْ يَسْلَمَ مِنْ عَدَاوَةِ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ ضَابِطًا لِمَا يَنْقِل، وَأَنْ لاَ يَكُونَ مِنْ أَهْل الأَْهْوَاءِ. وَقَدْ يُشَارِكُ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فِي الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ فَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute