للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاِجْتِهَادِ الْمُتَقَارِبَةِ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا، وَعُرِّفَ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ: الإِْلْزَامُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى صِيغَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِأَمْرٍ ظُنَّ لُزُومُهُ فِي الْوَاقِعِ.

فَالْقَضَاءُ سُلْطَةٌ تُمَكِّنُ مَنْ تَوَلاَّهَا مِنَ الإِْلْزَامِ بِالأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفَصْل الْخُصُومَاتِ، وَقَطْعِ الْمُنَازَعَاتِ بَيْنَ النَّاسِ. وَقَضَاءُ الْقَاضِي مُظْهِرٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لاَ مُثْبِتٌ لَهُ.

وَتَجْتَمِعُ فِي الْقَاضِي صِفَاتٌ ثَلاَثَةٌ: فَهُوَ شَاهِدٌ مِنْ جِهَةِ الإِْثْبَاتِ، وَمُفْتٍ مِنْ جِهَةِ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ، وَذُو سُلْطَانٍ مِنْ جِهَةِ الإِْلْزَامِ. وَيَدْخُل فِي وِلاَيَةِ الْقَضَاءِ فَصْل الْخُصُومَاتِ، وَاسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ، وَالنَّظَرُ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ، وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ، وَالنَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ، وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا، وَتَزْوِيجُ اللاَّتِي لاَ وَلِيَّ لَهُنَّ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ (١) ". وَالْقَاضِي يَنُوبُ عَنِ الإِْمَامِ فِي هَذَا.

وَلَيْسَ هُنَاكَ ضَابِطٌ عَامٌّ لِمَا يَدْخُل فِي وِلاَيَةِ الْقَاضِي وَمَا لاَ يَدْخُل، فَالأَْصْل فِيهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَقَدْ تَتَّسِعُ صَلاَحِيَّةُ الْقَاضِي لِتَشْمَل وِلاَيَةَ الْحَرْبِ، وَالْقِيَامَ بِأَعْمَال بَيْتِ الْمَال وَالْعَزْل وَالْوِلاَيَةِ، وَقَدْ تَقْتَصِرُ عَلَى النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ.


(١) حديث: " فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ". أخرجه الترمذي (٣ / ٣٩٩ - ط الحلبي) من حديث عائشة: وقال: " حديث حسن ".