للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَظْهَرُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ:

الأَْوَّل: أَنَّ فِي التَّخَلُّقِ بِأَخْلاَقِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْخَيْرَ كُلَّهُ، مِنَ الْكَرَمِ، وَالسَّمَاحَةِ، وَالْوَفَاءِ، وَالصِّدْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْخْلاَقِ الإِْسْلاَمِيَّةِ.

الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْتَارَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدَعْوَةِ الإِْسْلاَمِ أَدَّبَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ، وَجَعَلَهُ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ.

الثَّالِثُ: أَنَّ تَخَلُّقَ الدَّاعِي بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ وَاصْطِبَاغَهُ بِصِبْغَتِهِ، يُعِينُهُ عَلَى الدَّعْوَةِ، فَإِنَّهُ يُيَسِّرُ عَلَى الْمَدْعُوِّينَ قَبُول الدَّعْوَةِ، إِذْ يَرَوْنَ دَاعِيَهُمْ مُمْتَثِلاً لِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَ بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، كَمَا قَال فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَلاَ وَإِنَّ كُل دَمٍ وَمَالٍ وَمَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ أَوَّل دَمٍ يُوضَعُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ قَال: أَلاَ وَإِنَّ كُل رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّ أَوَّل رِبًا يُوضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. (١)

الرَّابِعُ: أَنَّ مُوَافَقَةَ أَخْلاَقِ الدَّاعِي لِمَضْمُونِ دَعْوَتِهِ يُؤَكِّدُ مَضْمُونَ الدَّعْوَةِ وَيُقَوِّيهِ فِي نُفُوسِ


(١) حديث: " ألا وإن كل دم ومال ومأثرة. . . " أخرجه أحمد (٥ / ٧٣ - ط الميمنية) من حديث أبي قرة الرقاشي عن عمه، والبزار كما في السيرة النبوية لابن كثير (٤ / ٤٠٣ - نشر دار إحياء التراث العربي) من حديث عبد الله بن عمر، وفي كل منهما مقال، لكن يقوي أحدهما الآخر.