الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِتَصْحِيحِهِ، بَيْنَمَا صَرَّحَ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى مِنْهُمْ بِتَصْحِيحِ خِلاَفِهِ.
وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِاشْتِرَاطِهِ بِأَنَّ حَقَّ الإِْنْسَانِ يَجِبُ إِيفَاؤُهُ بِطَلَبِهِ، وَالْحُكْمُ حَقُّ الْمُدَّعِي، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ طَالِبٍ لَهُ إِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقَضِيَّةَ عَلَى سَبِيل الْحِكَايَةِ وَالاِسْتِفْتَاءِ، فَإِذَا طَلَبَهُ تَبَيَّنَ غَرَضُهُ، وَبِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ لِقَطْعِ الْخُصُومَاتِ، لاَ لإِِنْشَائِهَا، فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي الْقَضَاءَ لَهُ بِحَقِّهِ أَجَابَهُ إِلَى طَلَبِهِ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ، فَإِنْ نَظَرَ فِي الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ مَا طُلِبَ لِلْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي كَانَ مُنْشِئًا لِلْخُصُومَةِ، وَهُوَ مَا لَمْ يُجْعَل الْقَضَاءُ لأَِجْلِهِ.
وَاحْتَجَّ الآْخَرُونَ بِأَنَّ الْمُقَدِّمَاتِ وَدَلاَئِل الْحَال تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لاَ يَقْصِدُ بِدَعْوَاهُ إِلاَّ الْحُكْمَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَتَسْلِيمَهُ إِلَيْهِ، وَكَوْنُ الْمُدَّعِي يَقُول ذَلِكَ حِكَايَةً بَعِيدٌ جِدًّا، لأَِنَّ مَجَالِسَ الْقَضَاءِ لَمْ تُنْشَأْ لِهَذَا الْغَرَضِ. (١)
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٢٢٢، العناية وتكملة فتح القدير ٦ / ١٤٤، الفواكه البدرية ص ١٠٦، الهداية وتكملة فتح القدير ٦ / ١٤٧، تبصرة الحكام ١ / ٣٨ طبع ١٣٠١ هـ، الحاوي الكبير ج ١٣ ق ٤٤ أ، المغني ٩ / ٨٦، الروض الندي ص ٥١٢، غاية المنتهى ٣ / ٤٩٩، كشاف القناع ٤ / ٢٠٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute