حَتَّى لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَسَمِعَهَا لَمْ يَنْفُذْ) قَال ابْنُ عَابِدِينَ: (سَلاَطِينُ آل عُثْمَانَ يَأْمُرُونَ قُضَاتَهُمْ فِي جَمِيعِ وِلاَيَاتِهِمْ أَنْ لاَ يَسْمَعُوا دَعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً سِوَى الْوَقْفِ وَالإِْرْثِ، وَنَقَل فِي الْحَامِدِيَّةِ فَتَاوَى مِنَ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا بَعْدَ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ هَل يَبْقَى النَّهْيُ بَعْدَ مَوْتِ السُّلْطَانِ الَّذِي نَهَى بِحَيْثُ لاَ يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إِلَى نَهْيٍ جَدِيدٍ؟ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النَّهْيِ، وَلاَ يَسْتَمِرُّ. . .) . (١)
وَعَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ مِنَ السُّلْطَانِ، فَيَكُونُ الْقَاضِي مَعْزُولاً عَنْ سَمَاعِهَا، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ، فَإِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِسَمَاعِهَا بِالرَّغْمِ مِنْ مُرُورِ الزَّمَانِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُسْمَعُ، وَالْغَرَضُ مِنَ النَّهْيِ قَطْعُ الْحِيَل وَالتَّزْوِيرِ، وَعَدَمُ سَمَاعِ الْقَاضِي لَهَا إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ إِنْكَارِ الْخَصْمِ، فَلَوِ اعْتَرَفَ تُسْمَعُ، إِذْ لاَ تَزْوِيرَ مَعَ الإِْقْرَارِ.
وَعَدَمُ سَمَاعِهَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ حَيْثُ يَتَحَقَّقُ تَرْكُهَا الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ، فَلَوِ ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي أَثْنَائِهَا، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ ثَانِيَةً، مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الدَّعْوَى الأُْولَى وَالثَّانِيَةِ هَذِهِ الْمُدَّةُ، وَشَرْطُ الدَّعْوَى الْقَاطِعَةِ لِلْمُدَّةِ أَنْ تَكُونَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا تَرَكَ دَعْوَاهُ مُدَّةَ خَمْسَ
(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٤٢ - مطبعة مصطفى الحلبي ١٣٨٦هـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute