للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ (أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ) : تَصِيرُ دَارُ الإِْسْلاَمِ دَارَ كُفْرٍ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا (١) . وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَصِيرُ دَارَ كُفْرٍ إِلاَّ بِثَلاَثِ شَرَائِطَ:

١ - ظُهُورُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا.

٢ - أَنْ تَكُونَ مُتَاخِمَةً لِدَارِ الْكُفْرِ.

٣ - أَنْ لاَ يَبْقَى فِيهَا مُسْلِمٌ، وَلاَ ذِمِّيٌّ آمِنًا بِالأَْمَانِ الأَْوَّل، وَهُوَ أَمَانُ الْمُسْلِمِينَ.

وَوَجْهُ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ وَمَنْ مَعَهُمَا أَنَّ دَارَ الإِْسْلاَمِ وَدَارَ الْكُفْرِ: أُضِيفَتَا إِلَى الإِْسْلاَمِ وَإِلَى الْكُفْرِ لِظُهُورِ الإِْسْلاَمِ أَوِ الْكُفْرِ فِيهِمَا، كَمَا تُسَمَّى الْجَنَّةُ دَارَ السَّلاَمِ، وَالنَّارُ دَارَ الْبَوَارِ، لِوُجُودِ السَّلاَمَةِ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَوَارِ فِي النَّارِ، وَظُهُورُ الإِْسْلاَمِ وَالْكُفْرِ إِنَّمَا هُوَ بِظُهُورِ أَحْكَامِهِمَا، فَإِذَا ظَهَرَتْ أَحْكَامُ الْكُفْرِ فِي دَارٍ فَقَدْ صَارَتْ دَارَ كُفْرٍ، فَصَحَّتِ الإِْضَافَةُ، وَلِهَذَا صَارَتِ الدَّارُ دَارَ إِسْلاَمٍ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الإِْسْلاَمِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرِيطَةٍ أُخْرَى، فَكَذَا تَصِيرُ دَارَ كُفْرٍ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا.

وَوَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ


(١) بدائع الصنائع ٧ / ١٣٠ - ١٣١، وابن عابدين ٣ / ٢٥٣، وكشاف القناع ٣ / ٤٣، والإنصاف ٤ / ١٢١، والمدونة ٢ / ٢٢.