دُونَ ظُهُورِ إِعْرَاضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا عَنِ التَّعَاقُدِ، وَتَنْتَهِي بِالتَّفَرُّقِ، وَهُوَ مُغَادَرَةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِلْمَكَانِ الَّذِي حَصَل فِيهِ الْعَقْدُ.
وَفِي حُكْمِ التَّفَرُّقِ حُصُول التَّخَايُرِ. وَهُوَ أَنْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ فِي إِمْضَاءِ الْعَقْدِ أَوْ رَدِّهِ.
لَكِنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لاَ يَبْدَأُ مِنْ صُدُورِ الإِْيجَابِ بَل مِنْ لَحَاقِ الْقَبُول بِهِ مُطَابِقًا لَهُ، أَمَّا قَبْل وُقُوعِ الْقَبُول فَإِنَّ الْعَاقِدَيْنِ يَمْلِكَانِ خِيَارًا فِي إِجْرَاءِ الْعَقْدِ أَوْ عَدَمِهِ، لَكِنَّهُ خِيَارٌ يُدْعَى خِيَارُ الْقَبُول، وَهُوَ يَسْبِقُ تَمَامَ التَّعَاقُدِ. هَذَا، وَإِنَّ حَقِيقَةَ الْجُلُوسِ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً فِي هَذَا الْخِيَارِ الْمُسَمَّى (بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ) ، لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْفَتْرَةُ الزَّمَنِيَّةُ الَّتِي تَعْقُبُ عَمَلِيَّةَ التَّعَاقُدِ دُونَ طُرُوءِ التَّفَرُّقِ مِنْ مَكَانِ التَّعَاقُدِ. فَالْجُلُوسُ ذَاتُهُ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي ثُبُوتِهِ، وَلاَ تَرْكُ الْمَجْلِسِ مُعْتَبَرٌ فِي انْقِضَائِهِ، بَل الْعِبْرَةُ لِلْحَال الَّتِي يَتَلَبَّسُ بِهَا الْعَاقِدَانِ، وَهِيَ الاِنْهِمَاكُ فِي التَّعَاقُدِ.
فَخِيَارُ الْمَجْلِسِ هُوَ: حَقُّ الْعَاقِدِ فِي إِمْضَاءِ الْعَقْدِ أَوْ رَدِّهِ، مُنْذُ التَّعَاقُدِ إِلَى التَّفَرُّقِ أَوِ التَّخَايُرِ.
وَمُعْظَمُ الْمُؤَلِّفِينَ يَدْعُونَ هَذَا الْخِيَارَ (خِيَارَ الْمَجْلِسِ) غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ دَعَاهُ (خِيَارَ الْمُتَبَايِعَيْنِ) (١) وَلَعَل هَذِهِ التَّسْمِيَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُثْبِتِ لِهَذَا الْخِيَارِ، وَهُوَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ
(١) هو ابن قدامة في المغني ٣ / ٤٨٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute