وَالْمَنْعُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَوَجْهُ الْقَوْل بِالْجَوَازِ أَنَّ الْجَهَالَةَ الثَّابِتَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، لأَِنَّهُ يَتَعَجَّل تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ (وَهُوَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ) وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ الْجَهَالَةُ الْمُفْضِيَةُ لِلنِّزَاعِ.
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الْوَجْهُ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ إِذَا كَال بِهِ أَوْ وَزَنَ لِلْمُشْتَرِي، كَمَا فِي الشِّرَاءِ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ ذَهَبًا، نَصَّ فِي جَمِيعِ النَّوَازِل (أَيْ كُتُبِ الْفَتَاوَى) عَلَى أَنَّ فِيهِ الْخِيَارَ إِذَا عَلِمَ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ بِالْوَزْنِ. ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ ابْنُ الْهُمَامِ بِمَا نُقِل، بَل أَتَى بِنَظِيرٍ لِهَذَا الْحُكْمِ فَقَال: وَأَقْرَبُ الأُْمُورِ إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إِذَا بَاعَ صُبْرَةً كُل قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ: أَنَّهُ إِذَا كَال فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى عَرَفَ الْمِقْدَارَ صَحَّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا إِذَا رَآهُ وَلَمْ يَكُنْ رَآهُ وَقْتَ الْبَيْعِ، مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ رَأَى الصُّبْرَةَ قَبْل الْكَيْل وَوَقَعَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهَا.
أَمَّا الْقَوْل بِالْمَنْعِ فَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُجَازَفَةً أَوْ بِذِكْرِ الْقَدْرِ، فَفِي الْمُجَازَفَةِ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ، وَعِنْدَ ذِكْرِ الْقَدْرِ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا سُمِّيَ مِنَ الْقَدْرِ وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُجَازَفَةٍ، وَلاَ سُمِّيَ قَدْرٌ مَعِينٌ إِذْ لَمْ يَكُنَ الْمِكْيَال مَعْلُومًا (١) .
(١) الكفاية شرح الهداية ٥ / ٤٧١، وفتح القدير والعناية (أيضًا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute