الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ بَعْدَمَا أَنْكَرَ الْعَيْبَ. أَوْ بِنُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ، وَالْمَقْصُودُ صُدُورُ إِقْرَارٍ مِنْهُ ثُمَّ إِنْكَارُهُ، فَيُقِيمُ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الإِْقْرَارِ (أَمَّا الإِْقْرَارُ الْمُبْتَدَأُ فَلاَ حَاجَةَ مَعَهُ إِلَى الْقَضَاءِ أَصْلاً) فَفِي هَذِهِ الْحَال لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الأَْوَّل فَيُخَاصِمَهُ وَيَفْعَل الإِْجْرَاءَاتِ الْوَاجِبَةَ لِرَدِّهِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ قَبُول الْمُشْتَرِي الأَْوَّل لِلرَّدِّ بِغَيْرِ الْقَضَاءِ بَل بِرِضَاهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، لأَِنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ - أَوْ كَمَا يُعَبِّرُونَ: فِي حَقِّ الثَّالِثِ - وَالْبَائِعُ الأَْوَّل هُنَا غَيْرُ الْمُشْتَرِي الأَْوَّل وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي، كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الأَْوَّل اشْتَرَاهُ مِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَفِي هَذِهِ الْحَال لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الأَْوَّل.
وَلأَِنَّهُ إِذَا قَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَلاَ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ الأَْوَّل، وَلاَ يُقَال: إِنَّهُمَا بِالتَّرَاضِي عَلَى الرَّدِّ فَعَلاَ عَيْنَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي، لأَِنَّ الْحُكْمَ الأَْصْلِيَّ فِي هَذَا هُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالسَّلاَمَةِ مِنَ الْعَيْبِ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إِلَى الرَّدِّ لِلْعَجْزِ، فَإِذَا نَقَلاَهُ إِلَى الرَّدِّ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، أَلاَ يُرَى أَنَّ الرَّدَّ إِذَا امْتَنَعَ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ (١) .
٤١ - هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ مِنَ
(١) فتح القدير ٥ / ١٦٧ - ١٦٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute