أ - فَفِي الْجُنُونِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لاَ يَفِيقُ، أَوْ يَفِيقُ بَعْدَ وَقْتٍ طَوِيلٍ يَضُرُّ الاِنْتِظَارُ إِلَيْهِ بِالْعَاقِدِ الآْخَرِ، يَنْظُرُ السُّلْطَانُ أَوْ نُوَّابُهُ فِي الأَْصْلَحِ لَهُ مِنْ إِمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرِ السُّلْطَانُ حَتَّى مَضَى جُزْءٌ مِنَ الْمُدَّةِ فَزَال الْجُنُونُ يُحْتَسَبُ مَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَوْ لَمْ يُنْظَرْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ لاَ يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْمَبِيعُ لاَزِمٌ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ. وَمِثْل الْمَجْنُونِ - فِي الْحُكْمِ - الْمَفْقُودُ، عَلَى الرَّاجِحِ، وَقِيل: هُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ.
ب - وَفِي الإِْغْمَاءِ يُنْتَظَرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِكَيْ يَفِيقَ وَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ، إِلاَّ إِذَا مَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ وَطَال إِغْمَاؤُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِمَا يَحْصُل بِهِ الضَّرَرُ لِلآْخَرِ فَيُفْسَخُ. وَلاَ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ.
فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ اسْتُؤْنِفَ لَهُ الأَْجَل، وَهَذَا الْحُكْمُ خِلاَفُ مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ (١) .
هَذَا وَقَدْ يَزُول الطَّارِئُ الَّذِي نُقِل الْخِيَارُ بِسَبَبِهِ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَى غَيْرِهِ، كَالْجُنُونِ النَّاقِل لِلْخِيَارِ إِلَى السُّلْطَانِ، لَوْ أَفَاقَ بَعْدَهُ لاَ عِبْرَةَ بِمَا يَخْتَارُهُ بَل الْمُعْتَبَرُ بِمَا نَظَرَهُ السُّلْطَانُ.
هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ، وَخَالَفَهُمْ فِيهِ الشَّافِعِيَّةُ، فَفِي هَذِهِ الْحَال: لَوْ أَفَاقَ الْعَاقِدُ وَادَّعَى أَنَّ الْغِبْطَةَ خِلاَفُ مَا فَعَلَهُ الْقَيِّمُ عَنْهُ يَنْظُرُ
(١) الدسوقي ٣ / ١٠٣، الخرشي ٤ / ٢٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute