وَلاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِظُهُورِ الاِسْتِحْقَاقِ وَلاَ بِالْقَضَاءِ بِهِ، بَل يَظَل مَوْقُوفًا إِلَى أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، بِحَيْثُ لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَمَا قُضِيَ لَهُ، أَوْ بَعْدَمَا قَبَضَهُ قَبْل أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ يَصِحُّ، عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْهُمَامِ (١) .
أَمَّا الاِسْتِحْقَاقُ الْجُزْئِيُّ فَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ، سَوَاءٌ ظَهَرَ الاِسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ، وَلاَ فَرْقَ فِي كَوْنِ الْمُسْتَحَقِّ هُوَ الْجُزْءُ الْمَقْبُوضُ أَوْ غَيْرُهُ.
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الاِسْتِحْقَاقَ الْجُزْئِيَّ إِمَّا أَنْ يَظْهَرَ قَبْل الْقَبْضِ، وَإِمَّا بَعْدَهُ: فَإِذَا اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْل الْقَبْضِ - وَالْمُرَادُ قَبْضُ الْكُل، فَلاَ عِبْرَةَ بِقَبْضِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُقْبَضْ - فَحُكْمُ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَإِذَا لَمْ يُجِزِ الْمُسْتَحِقُّ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ، وَحِينَئِذٍ يَبْطُل الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ، أَمَّا الْبَاقِي فَلِلْمُشْتَرِي فِيهِ الْخِيَارُ: إِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، سَوَاءٌ كَانَ اسْتِحْقَاقُ مَا اسْتَحَقَّ يُوجِبُ الْعَيْبَ فِي الْبَاقِي أَوْ لاَ يُوجِبُ.
وَالْوَجْهُ فِي بُطْلاَنِ الْعَقْدِ فِي بَعْضِ السِّلْعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ: التَّبَيُّنُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَمْ يَكُنْ مِلْكَ
(١) أحكام الاستحقاق (الكلي) يرجع إلى فتح القدير والعناية ٥ / ٣٠٤، ٣٠٥، ورد المحتار ٥ / ١٩٠ - ٢٠٨ (ط٢ الحلبي) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute