للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٣٢ - وَمُفَادُ مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْحَوَالَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقْبَل التَّفَاسُخَ وَالتَّقَايُل بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ فِيهِ وَالْمُحِيل وَالْمُحَال فَقَطْ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى رِضَا الْمُحَال عَلَيْهِ.

وَقَدْ نَقَل الْخَطِيبُ عَنِ الرَّافِعِيِّ (عَدَمَ صِحَّةِ التَّقَايُل فِي الْحَوَالَةِ، كَمَا أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ، وَأَنَّهَا لَوْ فُسِخَتْ لاَ تَنْفَسِخُ) .

وَالَّذِي ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ حَكَى فِي صِحَّةِ إِقَالَتِهَا خِلاَفًا، نَقْلاً عَنِ الْخُوَارَزْمِيِّ، وَكُل مَا فَعَلَهُ أَنَّهُ رَجَّحَ الصِّحَّةَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا بَيْعٌ، كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ بِإِزَاءِ نَصِّ الْمُتَوَلِّي الْعَامِّ نَصٌّ عَامٌّ يُقَابِلُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: (فَسْخُ الْحَوَالَةِ انْقِطَاعٌ مِنْ حِينِهِ) وَإِذَنْ فَالْخِلاَفُ ثَابِتٌ فِي الْمَذْهَبِ. (١)

١٣٣ - وَيَسْتَوِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ التَّرَاضِي عَلَى الْفَسْخِ إِلَى غَيْرِ بَدِيلٍ، أَوْ إِلَى بَدِيلٍ. وَمِنَ النَّوْعِ الثَّانِي تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ (الْحَوَالَةَ إِذَا تَعَدَّدَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ كَانَتِ الثَّانِيَةُ نَقْضًا لِلأُْولَى) فَهَذِهِ كَأَنَّهَا اسْتِعَاضَةٌ عَنْ حَوَالَةٍ بِحَوَالَةٍ.

فَإِذَا كَانَ الرَّجُلاَنِ الْمُحَال عَلَيْهِمَا بِمَثَابَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لأَِنَّهُمَا أَصِيلٌ وَكَفِيلُهُ، وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ الْحَقِيقِيُّ فِي جَانِبِ الْمُحَال، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ لاَ تَكُونُ نَقْضًا لِلأُْولَى، بَل إِمَّا أَنْ تَصِحَّ الْحَوَالَتَانِ، وَإِمَّا


(١) مغني المحتاج على المنهاج ٢ / ١٩٦، والحاوي للفتاوى للسيوطي ١ / ١٦٧ والأشباه للسيوطي ٢٣٧.