وَهَذَا النَّصُّ يَنْطَبِقُ عَلَى الْحَوَالَةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَالتَّقْيِيدِ أَيْضًا، إِذْ كُلٌّ مِنَ الْمُحَال وَالْمُحَال عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ بِهَا الْتِزَامَاتٍ جَدِيدَةً.
٥٤ - أَمَّا التَّأْقِيتِ، وَالتَّأْجِيل إِلَى الأَْجَل الْمَجْهُول جَهَالَةً فَاحِشَةً: فَلأَِنَّ التَّأْقِيتَ يُنَافِي طَبِيعَةَ الْحَوَالَةِ - أَعْنِي نَقْل الدَّيْنِ - فَلَوْ قِيل الْحَوَالَةُ قَابِلٌ لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، مَثَلاً، فَلاَ حَوَالَةَ أَصْلاً، وَلأَِنَّ التَّأْجِيل بِالأَْجَل الْمَجْهُول جَهَالَةً فَاحِشَةً يُفْضِي إِلَى النِّزَاعِ الْمُشْكِل، مِثَال ذَلِكَ: أَنْ يَقُول الْمُلْتَزِمُ: قَبِلْتُ حَوَالَةَ الدَّيْنِ الَّذِي لَكَ عَلَى فُلاَنٍ، عَلَى أَنْ أُؤَدِيَهُ إِلَيْكَ عِنْدَ هُطُول الْمَطَرِ، أَوْ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ، وَهَذَا شَرْطٌ لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ لأَِحَدٍ فَيَلْغُو، وَتَكُونُ الْحَوَالَةُ حَالَّةً بِخِلاَفِ التَّأْجِيل بِالأَْجَل الْمَعْلُومِ كَغَايَةِ شَهْرِ كَذَا، أَوِ الْمَجْهُول جَهَالَةً مُحْتَمَلَةً كَمَوْسِمِ حَصَادِ الْقَمْحِ هَذَا الْعَامَ، فَإِنَّهُ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ، وَلاَ غَرَرَ فِيهِ أَصْلاً، أَوْ لاَ غَرَرَ يُذْكَرُ.
وَصَرَّحَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْحَوَالَةِ بِأَنَّ تَأْجِيل عَقْدِهَا لاَ يَصِحُّ، وَلَكِنَّ تَأْجِيل الدَّيْنِ فِيهَا يَصِحُّ، فَلَوْ قَال لآِخَرَ: ضَمِنْتُ بِمَا لَكَ عَلَى فُلاَنٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَكَ بِهِ عَلَى فُلاَنٍ إِلَى شَهْرٍ، انْصَرَفَ التَّأْجِيل إِلَى الدَّيْنِ لأَِنَّ تَأْجِيل عَقْدِهَا لاَ يَصِحُّ (١) .
٥٥ - وَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْمَالِكِيَّةِ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ أَنْ
(١) ابن عابدين ٤ / ٢٦٦، ٢٩٥ والبحر ٦ / ٢٤١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute