كَانَ النِّزَاعُ مُنْصَبًّا عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي اسْتُعْمِل: أَكَانَ لَفْظَ الْحَوَالَةِ أَمْ لَفْظَ الْوَكَالَةِ.
وَالْفَرْضُ أَنْ لاَ بَيِّنَةَ لأَِحَدِهِمَا، وَإِلاَّ عُمِل بِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الأَْخِيرَةِ لإِِمْكَانِهَا، وَهَذَا مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ، كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ مُنْكَرَ الْحَوَالَةِ هُوَ فِي مُعْتَمَدِهِمُ الصِّدْقُ عَلَى كُل حَالٍ - لأَِنَّ الأَْصْل مَعَهُ - وَلَوْ كَانَ مُنْكِرُهَا وَزَاعِمُ الْوَكَالَةِ هُوَ الْمُحَال نَفْسُهُ لأَِمْرٍ مَا، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ إِفْلاَسُ الْمُحَال عَلَيْهِ.
وَمِنْ أَهَمِّ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا أَنَّ مَحَل الْخِلاَفِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُحِيل مُقِرًّا بِدَيْنِ الْمُحَال، وَإِلاَّ فَلاَ يُتَّجَهُ سِوَى تَصْدِيقِ الْمُحِيل، وَلِلْمُحَال تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ دَيْنِهِ، لأَِنَّهُ، أَيِ الْمُحِيل، مُتَمَسِّكٌ عِنْدَئِذٍ بِنَفْسِ الأَْصْل الأَْوَّل الَّذِي لاَ تَتَحَقَّقُ حَوَالَةٌ إِلاَّ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَدِينًا لِلْمُحَال.
وَكَمَا وَافَقَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْمُعْتَمَدِ لَدَيْهِمُ - الْحَنَفِيَّةَ فِي الأَْصْل، وَافَقُوهُمْ فِي الاِسْتِثْنَاءِ أَيْضًا - إِذْ هُوَ مِمَّا لاَ يَقْبَل النِّزَاعَ، فَذَكَرُوا أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي صِيغَةِ التَّعَاقُدِ مَا يُكَذِّبُ الْمُحِيل - كَمَا لَوْ قَال: أَحَلْتُكَ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ فِي ذِمَّتِي عَلَى فُلاَنٍ مَدِينِي - فَالْقَوْل قَوْل الْمُحَال عِنْدَئِذٍ، لأَِنَّ هَذَا لاَ يَحْتَمِل غَيْرَ الْحَوَالَةِ وَكُل مَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِيَّةُ، أَصْلاً وَاسْتِثْنَاءً وَوِفَاقًا وَخِلاَفًا وَتَرْجِيحًا، ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ.
٤٢ - وَالْقَوْلاَنِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّافِعِيَّةُ يُوجَدَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute