إِلاَّ فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل كَوَاللَّهِ: لاَ أَفْعَل كَذَا، أَوْ لأََفْعَلَنَّ كَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَحْنَثُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ بِمُخَالَفَتِهَا فِي الْمُسْتَقْبَل، أَمَّا عَلَى الْمَاضِي، كَأَنْ يَقُول كَاذِبًا، وَهُوَ عَالِمٌ: وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا، لأَِنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ هِيَ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ وَلاَ يُتَصَوَّرُ الْبِرُّ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي، لأَِنَّ الْيَمِينَ لِلْحَثِّ وَالْمَنْعِ، وَلاَ يُتَصَوَّرُ حَثٌّ، وَلاَ مَنْعٌ عَلَى مَاضٍ.
فَلاَ يَكُونُ الْحِنْثُ إِلاَّ فِي الْيَمِينِ الَّتِي قُصِدَ عَقْدُهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَل. أَمَّا يَمِينُ الْمَاضِي، وَهِيَ مَا يُسَمَّى الْيَمِينَ الْغَمُوسَ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهَا، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي وَيَحْنَثُ فِي الْحَال، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لأَِنَّهُ حَلَفَ بِاللَّهِ وَهُوَ مُخْتَارٌ كَاذِبٌ، فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ. (١)
أَمَّا يَمِينُ اللَّغْوِ: فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ حِنْثَ فِيهَا: وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي صُورَتِهَا: فَقِيل هِيَ: مَا يَسْبِقُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُل مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَأَنْ يَقُول: لاَ، وَاللَّهِ، بَلَى، وَاللَّهِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ) .
(١) بدائع الصنائع ٣ / ١٥، وشرح الزرقاني ٣ / ٥٧، وأسنى المطالب ٤ / ٢٤٠ - ٢٤١، وروضة الطالبين ١١ / ٣، وكشاف القناع ٦ / ٢٣٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute