يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، وَبِهَذَا قَال إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ تَحِل الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلاَّ لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيل اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَهْدَاهَا الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ (١)
فَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّل فِي صَلاَحٍ وَبِرٍّ إِذَا اسْتَدَانَ مَالاً لِتَسْكِينِ الثَّائِرَةِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْخُذُهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا إِذَا كَانَ يُجْحِفُ بِمَالِهِ كَالْغَرِيمِ.
وَلأَِنَّ الْحَمِيل قَدْ يَلْتَزِمُ بِمِثْل ذَلِكَ الْمَال الْكَثِيرِ، وَقَدْ أَتَى مَعْرُوفًا عَظِيمًا، وَابْتَغَى صَلاَحًا عَامًّا، فَكَانَ مِنَ الْمَعْرُوفِ حَمْلُهُ عَنْهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَتَوْفِيرِ مَالِهِ عَلَيْهِ، لِئَلاَّ يُجْحِفَ بِمَال الْمُصْلِحِينَ، أَوْ يُوهِنَ عَزَائِمَهُمْ عَنْ تَسْكِينِ الْفِتَنِ، وَكَفِّ الْمَفَاسِدِ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ مَا يُؤَدِّي حَمَالَتَهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا.
وَأَمَّا إِنِ اسْتَدَانَ الْحَمَالَةَ وَأَدَّاهَا جَازَ لَهُ الأَْخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ، لأَِنَّ الْغُرْمَ بَاقٍ، وَالْمُطَالَبَةَ قَائِمَةٌ، فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَدِينًا بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ.
(١) حديث: " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في. . . " أخرجه أبو داود (٢ / ٢٨٦ - ٢٨٧ - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والحاكم (١ / ٤٠٧ - ٤٠٨ ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute