لِلْفَرْدِ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَوَارُثَ هُنَا وَلاَ تَعَاقُل، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْحِلْفِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ مُجَرَّدُ التَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَدَفْعِ الظُّلْمِ.
وَيَسْتَدِل الْمُجِيزُونَ لِمِثْل هَذَا التَّحَالُفِ بِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَْنْصَارِ فِي دَارِي مَرَّتَيْنِ.
وَقَالُوا: إِنَّ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ حِلْفَ فِي الإِْسْلاَمِ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الإِْعَانَةِ بِالْحِلْفِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِل.
قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: " أَصْل الْحِلْفِ الْمُعَاقَدَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ عَلَى التَّسَاعُدِ وَالتَّعَاضُدِ وَالاِتِّفَاقِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْفِتَنِ وَالْقِتَال وَالْغَارَاتِ، فَذَلِكَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَصِلَةِ الأَْرْحَامِ، كَحِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ فَذَلِكَ الَّذِي قَال فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً يُرِيدُ: مِنَ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ. وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْحَدِيثَانِ. وَهَذَا هُوَ الْحِلْفُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الإِْسْلاَمُ (١) .
وَتَقَدَّمَ النَّقْل عَنِ النَّوَوِيِّ بِمِثْل ذَلِكَ (ف ١٠) .
وَأَمَّا الَّذِينَ خَالَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَهُمُ الأَْكْثَرُونَ فَقَدِ احْتَجُّوا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ لاَ حِلْفَ
(١) النهاية لابن الأثير - حلف، ولسان العرب - حلف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute