للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا: فِي حَقِّ السَّلْطَنَةِ مِنْ جِهَةِ التَّزْوِيرِ.

وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي الْغِشِّ وَهُوَ أَغْلَظُ النُّكْرَيْنِ، وَإِِنْ سَلِمَ التَّزْوِيرُ مِنْ غِشٍّ تَفَرَّدَ بِالإِِْنْكَارِ لِحَقِّ السَّلْطَنَةِ خَاصَّةً

وَأَمَّا الْحِسْبَةُ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ الْمَحْضَةِ:

فَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِيرَانِ مِثْل أَنْ يَتَعَدَّى رَجُلٌ فِي حَدٍّ لِجَارِهِ، أَوْ فِي حَرِيمٍ لِدَارِهِ، أَوْ فِي وَضْعِ أَجْذَاعٍ عَلَى جِدَارِهِ، فَلاَ اعْتِرَاضَ لِلْمُحْتَسِبِ فِيهِ مَا لَمْ يَسْتَعْدِهِ الْجَارُ، لأَِنَّهُ حَقٌّ يَخُصُّهُ يَصِحُّ مِنْهُ الْعَفْوُ عَنْهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ، فَإِِنْ خَاصَمَهُ إِِلَى الْمُحْتَسِبِ نَظَرَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ وَتَنَاكُرٌ، وَأَخَذَ الْمُتَعَدِّيَ بِإِِزَالَةِ تَعَدِّيهِ، وَكَانَ تَأْدِيبُهُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ الْحَال (١) .

وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَرْبَابِ الْمِهَنِ وَالصِّنَاعَاتِ وَهُمْ ثَلاَثَةُ أَصْنَافٍ: مِنْهُمْ مَنْ يُرَاعَى عَمَلُهُ فِي الْوُفُورِ وَالتَّقْصِيرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَاعَى حَالُهُ فِي الأَْمَانَةِ وَالْخِيَانَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَاعَى عَمَلُهُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ.

فَأَمَّا مَنْ يُرَاعَى عَمَلُهُ فِي الْوُفُورِ وَالتَّقْصِيرِ فَكَالطَّبِيبِ وَالْمُعَلِّمِينَ، لأَِنَّ لِلطَّبِيبِ إِقْدَامًا عَلَى النُّفُوسِ يُفْضِي التَّقْصِيرُ فِيهِ إِِلَى تَلَفٍ أَوْ سَقَمٍ، وَلِلْمُعَلِّمِينَ مِنَ الطَّرَائِقِ الَّتِي يَنْشَأُ الصِّغَارُ عَلَيْهَا مَا يَكُونُ نَقْلُهُمْ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ عَسِيرًا، فَيُقِرُّ مِنْهُمْ


(١) الأحكام السلطانية للماوردي ٢٥٤، نصاب الاحتساب ٩١ - ٩٦.