للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى مُنْكَرٍ فَقَدْ أَنْكَرَهُ الأَْئِمَّةُ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّجَسُّسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (١) وَيَتَحَقَّقُ الإِِْظْهَارُ فِي حَالَةِ مَا إِذَا أَتَى مَعْصِيَةً بِحَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ فِي ذَهَابِهِمْ وَإِِيَابِهِمْ، أَوْ يُعْلَمُ بِهَا عَنْ طَرِيقِ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ بِحَيْثُ لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجَ الدَّارِ، وَمَا ظَهَرَتْ دَلاَلَتُهُ فَهُوَ غَيْرُ مَسْتُورٍ بَل هُوَ مَكْشُوفٌ.

قَال الْمَاوَرْدِيُّ: لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لأَِمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا، مِثْل أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلاً خَلاَ بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ، أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا، فَيَجُوزُ لَهُ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَال أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيُقْدِمَ عَلَى الْكَشْفِ وَالْبَحْثِ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ مَا لاَ يُسْتَدْرَكُ، وَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ غَيْرُ الْمُحْتَسِبِ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ جَازَ لَهُمُ الإِِْقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالإِِْنْكَارِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ فَلاَ يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلاَ كَشْفُ الأَْسْتَارُ عَنْهُ، فَإِِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلاَهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ مِنْ خَارِجِ الدَّارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا


(١) الآداب الشرعية ١ / ٣١٨، ٣١٩.