قَدْرًا طَابَ بِهِ نَفْسًا، شَرَعَ الْمُحْتَسِبُ حِينَئِذٍ فِي عَمَل الْمَصْلَحَةِ، وَأَخَذَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ بِمَا الْتَزَمَ بِهِ، وَإِِنْ عَمَّتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِالْقِيَامِ بِهَا حَتَّى يَسْتَأْذِنَ السُّلْطَانَ فِيهَا، لِئَلاَّ يَصِيرَ بِالتَّفَرُّدِ مُفْتَاتًا عَلَيْهِ، إِذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ مَعْهُودِ حِسْبَتِهِ، وَإِِنْ قَلَّتْ وَشَقَّ اسْتِئْذَانُ السُّلْطَانِ فِيهَا أَوْ خِيفَ زِيَادَةُ الضَّرَرِ لِبُعْدِ اسْتِئْذَانِهِ جَازَ شُرُوعُهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ.
وَأَمَّا الْخَاصُّ فَكَالْحُقُوقِ إِذَا مُطِلَتْ، وَالدُّيُونِ إِذَا أُخِّرَتْ، فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا مَعَ الْمُكْنَةِ إِذَا اسْتَعْدَاهُ أَصْحَابُ الْحُقُوقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْهَا، لأَِنَّ الْحُبْسَ حُكْمٌ وَلَهُ أَنْ يُلاَزِمَ عَلَيْهَا، لأَِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يُلاَزِمَ وَلَيْسَ لَهُ الأَْخْذُ بِنَفَقَاتِ الأَْقَارِبِ لاِفْتِقَارِ ذَلِكَ إِِلَى اجْتِهَادٍ شَرْعِيٍّ فِيمَنْ يَجِبُ لَهُ وَعَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قَدْ فَرَضَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَدَائِهَا، وَكَذَلِكَ كَفَالَةُ مَنْ تَجِبُ كَفَالَتُهُ مِنَ الصِّغَارِ لاَ اعْتِرَاضَ لَهُ فِيهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ، وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الشُّرُوطِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِيهَا. فَأَمَّا قَبُول الْوَصَايَا وَالْوَدَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا أَعْيَانَ النَّاسِ وَآحَادَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا عَلَى الْعُمُومِ حَثًّا عَلَى التَّعَاوُنِ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمِثَال تَكُونُ أَوَامِرُهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute