يَجُوزُ إِحْيَاؤُهَا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا كَانَ النَّهْرُ قَرِيبًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لأَِنَّ الْمَوَاتَ اسْمٌ لِمَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لأَِحَدٍ، وَلاَ حَقًّا خَاصًّا لَهُ، لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهِ، فَكَانَ مَوَاتًا، بَعِيدًا عَنِ الْبَلَدِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا. وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْل الطَّحَاوِيِّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ - لاَ يَكُونُ مَوَاتًا إِذَا كَانَ قَرِيبًا، وَذَلِكَ لأَِنَّ مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْقَرْيَةِ لاَ يَنْقَطِعُ ارْتِفَاقُ أَهْلِهَا عَنْهُ، فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الاِنْتِفَاعِ، حَتَّى لاَ يَجُوزَ إِحْيَاءُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَهْل الْقَرْيَةِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَيَجُوزُ إِحْيَاءُ مَا لاَ يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْعَامِرِ (١) .
١٢ - وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ. وَأَصَحُّ مَا قِيل فِيهِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُل عَلَى طَرَفِ عُمْرَانِ الْقَرْيَةِ، فَيُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ، فَأَيُّ مَوْضِعٍ يَنْتَهِي إِلَيْهِ صَوْتُهُ يَكُونُ مِنْ فِنَاءِ الْعُمْرَانِ؛ لأَِنَّ أَهْل الْقَرْيَةِ يَحْتَاجُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِرَعْيِ الْمَوَاشِي أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنَ الْمَوَاتِ.
وَرَأَى سَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُ كَمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ مِثْل ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ بِجَوَازِ عَوْدِ الْمِيَاهِ، لأَِنَّ الأَْنْهَارَ الَّتِي لَمْ يُنْشِئْهَا النَّاسُ لَيْسَتْ مِلْكًا لأَِحَدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ طَرِيقٌ لِلْمُسْلِمِينَ لاَ يَسْتَحِقُّهَا مَنْ كَانَ يَلِي النَّهْرَ مِنْ جِهَتَيْهِ. وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ أَنَّ بَاطِنَ النَّهْرِ إِذَا يَبِسَ يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبَيِ الأَْرْضِ الَّتِي بِجَنْبِ النَّهْرِ، لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُجَاوِرُ أَرْضَهُ مُنَاصَفَةً. وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ إِذَا مَال النَّهْرُ
(١) اللجنة ترى وجاهة هذا الرأي لأنه يحقق المصلحة العامة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute