للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ، وَقِيل: إِنْ ثَبَتَ الْحَدُّ بِالإِِْقْرَارِ أُخِّرَ حَتَّى يَبْرَأَ، لأَِنَّهُ رُبَّمَا رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الرَّمْيِ، وَمِثْل هَذَا الْخِلاَفِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْمِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَوِ الْبَرْدِ.

وَإِِنْ كَانَ الْوَاجِبُ الْجَلْدَ أَوِ الْقَطْعَ، فَإِِنْ كَانَ الْمَرَضُ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ تَأْخِيرَهُ وَهُوَ قَوْل الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ. وَقَال جُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ: يُقَامُ الْحَدُّ وَلاَ يُؤَخَّرُ، كَمَا قَال أَبُو بَكْرٍ فِي النُّفَسَاءِ، وَهَذَا قَوْل إِِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقَامَ الْحَدَّ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ فِي مَرَضِهِ، وَلأَِنَّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لاَ يُؤَخَّرُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ.

وَإِِنْ كَانَ الْمَرَضُ مِمَّا لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ كَانَ الْجَانِي ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ لاَ يَحْتَمِل السِّيَاطَ، فَهَذَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْحَال، إِذْ لاَ غَايَةَ تُنْتَظَرُ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا يُضْرَبُ ضَرْبًا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلَفُ، كَالْقَضِيبِ الصَّغِيرِ وَشِمْرَاخِ النَّخْل. فَإِِنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: جُمِعَ ضِغْثٌ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَضُرِبَ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً.

وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِِلَى مُصْطَلَحِ (جَلْدٌ (١)) .


(١) ابن عابدين ٣ / ١٤٨، والتاج والإكليل على مواهب الجليل ٦ / ٢٩٦، وبداية المجتهد ٢ / ٤٣٨، والقليوبي ٤ / ١٨٣، وروضة الطالبين ١٠ / ٩٩، ١٠٠، ١٠١، وكشاف القناع ٦ / ٨٢، ٨٦، والمغني ٨ / ١٧٣.