للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالشُّهُودِ، فَالْبِدَايَةُ مِنْهُمْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ حُضُورُهُمْ، وَابْتِدَاؤُهُمْ بِالرَّجْمِ، وَهَذَا لأَِنَّ الرَّجْمَ أَحَدُ نَوْعَيِ الْحَدِّ فَيُعْتَبَرُ بِالنَّوْعِ الآْخَرِ وَهُوَ الْجَلْدُ، وَالْبِدَايَةُ مِنَ الشُّهُودِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِ فَكَذَا فِي الرَّجْمِ.

وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْبِدَايَةَ مِنَ الشُّهُودِ شَرْطٌ فِي حَدِّ الرَّجْمِ، حَتَّى لَوِ امْتَنَعَ الشُّهُودُ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ مَاتُوا، أَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، لاَ يُقَامُ الرَّجْمُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: يَرْجِمُ الشُّهُودُ أَوَّلاً، ثُمَّ الإِِْمَامُ، ثُمَّ النَّاسُ. وَكَلِمَةُ: ثُمَّ " لِلتَّرْتِيبِ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ الزِّنَى زِنَاءَانِ: زِنَى سِرٍّ وَزِنَى عَلاَنِيَةٍ؛ فَزِنَى السِّرِّ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ، فَيَكُونَ الشُّهُودُ أَوَّل مَنْ يَرْمِي، وَزِنَى الْعَلاَنِيَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْحَبَل أَوِ الاِعْتِرَافُ، فَيَكُونُ الإِِْمَامُ أَوَّل مَنْ يَرْمِي.

وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا.

وَلأَِنَّ فِي اعْتِبَارِ هَذَا الشَّرْطِ احْتِيَاطًا فِي دَرْءِ الْحَدِّ، لأَِنَّ الشُّهُودَ إِذَا بَدَءُوا بِالرَّجْمِ، رُبَّمَا اسْتَعْظَمُوا فِعْلَهُ، فَيَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

وَإِِنْ ثَبَتَ الزِّنَى بِالاِعْتِرَافِ، فَالْخِلاَفُ فِي