يَدُل عَلَى الْوُجُوبِ، ثُمَّ ذَهَبُوا مَذَاهِبَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّرْتِيبِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ أَعْمَال مِنًى حَسَبَ الْوَارِدِ، أَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ طَوَافِ الإِْفَاضَةِ فَسُنَّةٌ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا:
مُرَاعَاةُ اتِّبَاعِ فِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ، وقَوْله تَعَالَى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَْنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١) .
وَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّهُ أَمَرَ بِقَضَاءِ التَّفَثِ وَهُوَ الْحَلْقُ مُرَتَّبًا عَلَى الذَّبْحِ، فَدَل عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْوَاجِبُ فِي التَّرْتِيبِ: تَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَعَلَى طَوَافِ الإِْفَاضَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّرْتِيبِ لاَ يَجِبُ، بَل هُوَ سُنَّةٌ.
اسْتَدَلُّوا عَلَى وُجُوبِ تَقْدِيمِ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ بِأَنَّهُ بِالإِْجْمَاعِ مَمْنُوعٌ مِنْ حَلْقِ شَعْرِهِ قَبْل التَّحَلُّل الأَْوَّل، وَلاَ يَحْصُل التَّحَلُّل الأَْوَّل إِلاَّ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَقْدِيمِ الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو السَّابِقِ، أَخْذًا بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي
(١) سورة الحج / ٢٩ - ٣٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute