وكان سيِّئ الظن بالناس كافةً، فإذا نُقِل له عن أحدٍ خيرٌ لا يتكيف به، وإذا كان شرًّا تكيف به، ويبني عليه حتى ممن هو عنده مجروحٌ، فيقع في ذم من هو بألسنة العالَم ممدوح، وبسبب ذلك وقع في نفس جمع كبيرٍ منه ألم كثير.
وكان يميل إلى مذهب أهل الظاهر الميل الظاهر.
وكان فيه خشوعٌ؛ يبكي عند قراءة القرآن، ويجري دمعهُ عند سماع الأشعار الغزلية، وقال لي: إذا قرأت أشعار العشق أميل إليه، وكذلك أشعار الشجاعة تستميلني، وغيرهما، إلا أشعار الكرم ما تؤثر فيَّ.
وبالجملة، فكان من محاسن العصر، ومفاخر الدهر، وامتدحه الفضلاء والأعيان، وكُتب إليه من سائر البلدان.
وممن مدحه الرئيس الكاتب محيي الدين ابن عبد الظاهر كاتب الدرج السلطاني، فقال فيه شعر، قوله:
وسألت من ذا إذ سمعت مباحثًا … في الذات قرّرها أجلُّ مفيد
قالوا أبو حيّان قلتُ صدقتم … وبرزتم هذا هو التوحيدي
ومنهم العلامة صدر الدين ابن المرحل، فقال فيه أيضًا: شعر
قالوا أبو حيَّان غير مدافعٍ … ملك النحاة فقلت بالإجماع
اسم الملوك على النقود وإنني … شاهدت كنيته على المصراع
ومنهم الوزير أبو عبد الله ابن الحكيم الرندي اللخمي، فقال فيه:
ماذا ترى يا أبا حيان في دنفٍ صبٍّ … للُقياك ذي شوقٍ وذي كلف
مستشرفًا طمحًا في صفو ودِّكمُ … إلى مراتب فيها منتهى الشّرف
ومنهم شرف الدين محمد بن موسى بن محمد بن الوحيد كاتب الإنشاء، مدحه