كتاب البدر السافر عن أنس المسافر

٣٢٣ - عمر بن بُنْدَار بن عمر التفليسي، المنعوت بالكمال، الفقيه الشافعي الأصولي (١).

سمع بدمشق من ابن اللتي، وابن الصلاح، وغيرهما، وبرع في الفقه والأصولين، وفي فنون كثيرة.

وولي القضاء بدمشق، وكانت سيرته فيه سديدة، ولما استولى التتار على دمشق حصل للناس به راحة عظيمة، وأحسن إلى الخاص والعام، وسعى في حقن الدماء، ولم يتدنّس بشيء من الدنيا، ولا ازداد منصبًا ولا تدريسًا، ولا فيه طمعة مع فقره واحتياجه وعائلته.

ثم بعد ذلك تعصّب عليه جمعٌ، ونسبوه إلى أشياء، وصانه الله تعالى منهم، وشُرِط عليه الخروج من دمشق، فخرج، ثم قدم القاهرة، وتصدّى للفتوى والإشغال، ودرَّس بالمشهد الشريف.

وكان يختار في قضائه بعض الوجوه، ورأيتُ له حكمًا حكم به في صحة وقف الإنسان على نفسه، وهو اختيار ابن شريح، والزنيري، والرُّويَاني، وسائر الأصحاب على خلافه، وفي مذهب أحمد فيه خلاف مختلف الترجيح، ومضى على جميل.

ومولده بتَفْلِيس، في سنة اثنتين وست مئة، وفي ما رأيت من وفيات (٢) البرزالي سنة إحدى تقريبًا (٣).

(١) انظر ترجمته في: ذيل مرآة الزمان: (٣/ ٦٤ - ٦٥)، المقتفي: (١/ ٢٨٨ - ٢٨٩)، العبر: (٣/ ٣٢٥)، تاريخ الإسلام: (٥٠/ ١٠٣ - ١٠٤)، تذكرة الحفاظ: (٤/ ١٨٨)، عيون التواريخ: (٢١/ ٤٤ - ٤٥)، الوافي بالوفيات: (٢٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، طبقات الشافعية الكبرى: (٨/ ٣٠٩ - ٣١٠)، طبقات الإسنوي: (١/ ١٥٢ - ١٥٣)، البداية والنهاية: (١٣/ ٢٦٧)، طبقات الشافعيين: (٩٠٦)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: (٢/ ١٤٣ - ١٤٤)، النجوم الزاهرة: (٧/ ٢٤٤)، شذرات الذهب: (٧/ ٥٨٩).
(٢) هو كتاب المقتفي على الروضتين المعروف بتاريخ البرزالي، رتب مادته على طريقة الحوليات، من سنة ٦٦٥ هـ إلى سنة ٧٢٨ هـ. وطبع بتحقيق عمر عبد السلام تدمري سنة ١٤٢٧ هـ/ ٢٠٠٦ م بالمكتبة العصرية بيروت في أربعة أجزاء.
(٣) المقتفي على الروضتين للبرزالي: (١/ ٢٨٩).