قال: وخَرَّج أيضًا لفخر القضاة أبي الفضل أحمد بن محمد بن الجبَّاب "مشيخة"، ذكر له فيها حديثا عن الإمام أبي محمد عبد الله بن بري، ولم يكن المعروف عندهم أن ابن الجبَّاب روى عن ابن بري حديثًا، وإنما روى عنه كتابه في اللغة.
قال الإسعردي، فقلت لابن مَسْدي: هذه الأحاديث من أين؟ فقال: أصولها عندي، فأتيت منزله، وأخذ يطلبها من أجزائه وهي كثيرة، وما زال يكشف إلى أن انتصف النهار، وضجر ولم يجد شيئًا، فقُمتُ وتركتهُ.
قال الإسعردي: وكنت أيضًا مع الرضي الشاطبي ننظر في إجازة، فمرَّ بنا ابن مَسْدي، فقال: ما هذه؟ فقال له الرضي: إجازة فيها خط ابن بَوْش وابن الجوزي، فاحذر أن تُلْحق اسمك فيها، فإنهما ماتا قبل ورودك، فتبسَّم.
قال أبو الفتح: وما ذكره التقي عبيد لا يلزم منه قدحٌ، أما ما ذكره من حديث ابن بنت الجمّيزي، فابن مَسْدي ما استوعب كشف أجزائه، فجاز أن يكون فيها، وما ذكره الرضي فممازحة منه لابن مَسْدي.
قال: وكان شيخنا الإمام أبو الفتح القشيري يُعظِّم ابن مَسْدي.
وما ذكره ابن سيد الناس ما يدفع الريبة، فإن الحافظ عبيد ذكر أنه لم يكن يعرف للشيخ بهاء الدين رواية عن شهدة إلا الثاني، وانضم إلى ذلك اتهامه ابن مَسْدي، وذكر له ذلك، وكشف كثيرًا من أجزائه، فتركه مع الإنكار، فحقُّ ابن مَسْدي كشف بقية الأجزاء، والنفس حريصة على الانتصار ودفع التهمة والعار، فلو وجده لأظهره له وأخرجه وأظهره، وعدم ذلك يفيد الظن لعدم وجوده، وذلك كاف في التهمة.
(١) طبعت أمالي المحاملي (ت ٣٣٠ هـ) برواية ابن يحيى البيع، وابن الصلت، وابن مهدي الفارسي.