للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ (١)، هذا به مرض الرئاسة التياسة التعاسة الخساسة.

وحكى الفاضل الأديب شرف الدين النّصيبي (٢)، أنه سأله مرّة عن قوله تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا﴾ (٣)، فهل للغُرَاب خصوصية، فقال لشخص: خذ هذا وروُّح به للوالي يضربه، وقال: لو بعث الله تعالى حدأة، قلت: كذا ودبسى، قلت: كذا.

فأخبرني شيخنا أبو حيان قال: جاء بي نجم الدين بن مَلِيّ (٤)، وقال لي: قم نُبصر الجعبري، فقلت: يشتمنا، فقال: قم، فقمت معه، قال: فحضرنا عنده وكنتُ شابًا وابن ملي شيخًا، فجلسنا في الحلقة، فقال: شيخ بخسٌ وصبي نحسٌ، فقلت لابن مَلِيّ: كاشفنا، ثم قال: قوموا اخرجوا، وألحَّ، قلت له: هذا شيخ من أهل العلم، فقال: هذا ابن مَلِىّ، فقلت: ما يدريك، فقال: كان عندي الطواشي فلان وأخبرني بقدومه، فلما ذكرته لي توسَّمته، ثم أخذ بيده وأجلسه إلى جانبه، وتكلم كلامًا حسنًا، وقال له: ما تتكلم حتى نسمع من فوائدك، فقال ابن مَلِىّ: نحن مسلِّمون لا معترضون، ثم خرجنا فقلت لابن مَلِىّ: ما تقول فيه؟ فشتمه.

وبلغني أنه حضر مع جماعة ممن تمشيخ، ونزلوا مكانًا، ثم صلّوا الصبح، وزيّقوا (٥)، وصار كل منهم يرفع رأسه فيسأل عن حاله، فيذكر شيئًا، فسُئِلَ الجعبري؟ فقال: دقيت قام ذكرى.


(١) سورة البقرة: من الآية ١٩٦.
(٢) هو شرف الدين محمد بن نجّام الشّيباني النصيبي، الفاضل الأديب. الوافي بالوفيات: (٥/ ٧٤ - ٧٥).
(٣) سورة المائدة: من الآية ٣١.
(٤) هو نجم الدين أحمد بن محسن بن مَلِيّ بن حسن البعلبكي الشافعي المتكلم، المعروف بابن مليّ الأنصاري، توفي سنة ٦٩٩ هـ. تاريخ الإسلام: (٥٢/ ٣٨٧).
(٥) يريد: أدخل كلُّ واحد رأسه في زيق ثوبه، وزِيقُ الْقَمِيصِ مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ، القاموس المحيط (زيق) وهو من مصطلحات الصوفية ومعناه: اعتماد الرأس المغطَّى على الركبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>