للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال: وكان كلما صنف كتابًا زاد فيه بزيادة عمره، ولا انحل عنه إلا بحلول قبره.

واشتهر في إقرائه (١) بحدة الخُلق والسبِّ لأئمة النحو، وغيرهم ممن يعرض له ذكر، لا يبالي في من وضع فيه لسانه، شانه ذلك أو زانه.

وفي هذا قال ابن عتبة (٢) الطبيب قوله: شعر

تجنَّب إن رشدت أبا علي … ولا تقرَبْهُ ما بين الأنام

ونكّب نحوه إن كنت تأبى … وتأنف همةً سَقْطَ الكلام

يمد الرجل في الإقراء جهلًا … ويشتم سيبويه بلا احتشام

وإن باراه معترض بحق … سمعت لديه غوغات الطّغام

قال: واتفق له مع ابن الصابوني الشاعر، أن ابن الصابوني كان يلقب بالحمار، وكان يغتاظ من ذلك، فقرأ يومًا على أبي علي في الإيضاح، فمرَّت مسألة السمن منوان بدرهم، وتشعَّبت المذاكرة فيها إلى أن اغتاظ أبو علي على ابن الصابوني، فزحف إليه من صدر المجلس وهو يقول: يا حمار يا حمارين، وهو يضعّف إلى أن قال، يا مئة حمار يا مئة ألف حمار، يا مِلءَ الدنيا حميرًا، ثم جعل أصبعه في أذنيه ونهق، فاجتمعت العامة على باب المسجد وكانت حالة مضحكة.

وجعله أبو العلاء ابن المنصور يحضر مجلس المذاكرة في المذاهب، فجعل يضع لسانه فيهم، فمُنع من الحضور، وقيل له: أنت لا تترك عادتك، وأئمة الفقه ليسوا كأئمة النحو، ونخشى عليك أن تَتَعرَّض لسفك دمك.


(١) في الأصل: أقرانه، والتصحيح من اختصار القدح المعلى.
(٢) في الأصل: ابن عقبة، والتصحيح من المصادر. وهو أبو الحجاج يوسف بن عتبة الطبيب الوشاح الإشبيلي، مات بالقاهرة قبل سنة ٦٣٨ هـ. المغرب: (١/ ٢٦٣ - ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>