للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقلت: لمن الشعر، ولمن التلحين، وفي أي هنك (١) هو؟ فقال: الشعر لابن نحرير البغدادي (٢)، والتلحين لإمام هذه الصنعة أبي عمرو إسفندار البصري الدار البلخي النجار، والهنك الرُّصافي، ويعرف بأصبهان المئة، وهو من المدرجات المربعات ومن الأطواق، فقلت: أيدك الله، هذه فوائد ما طرقت سمعي قطّ، فلك الفضل في أن تُوَصِّل هذه المعارف إليّ، فأنشد، وقال: شعر

إن كنت ذا همة وجد … تنل من العلم كل قصد

وإن ترم نيل كل قصد … بغير جد فثق بردي

فقلت: سترى مني الجدّ والاجتهاد ممن ينقل عنك وعن إمامك في أقطار البلاد، وكان قد احتفل بمكان آخر من غير أن يعرِّفَني به، فانتقلنا إليه، وتناول العود وغنّى بقوله: شعر

لبس الشتاء من الجلود جلودًا … فالبس فقد برد الزمان برودا

وإذا رميت بسؤر كأسك في الهوى … عادت عليك من العقيق عقودا

وانظر طيور الماء في أرجائها … تختار حرَّ النار والسَّفودا

يا صاحب العودين لا تُهملهما … حرِّق لنا عودًا وحركْ عودا

قال: فأوجب اجتماع السرور من كل جانب أن قبَّلت يده، وساق قصة طويلة، ذكر فيها أن يعلمه، فقال: أنا أحبُّ الناس في شخص يتعلم مني، ولك الفضل إن فعلت،


(١) الهنك: مصطلح موسيقي من أصل فارسي، ويعنى به: التناوب الذي يطلق للمغني حرية الغناء، واستعراض صوته عن طريق التنقل بين المقامات الموسيقية القريبة للمقام الأصلي الذي ابتدأ فيه الدور.
(٢) هو أبو الحسين محمد بن المظفر بن عبد الله الخرقي البغدادي الشاعر، كان رافضيًا، مات سنة ٤٥٥ هـ. الوافي بالوفيات: (٥/ ٢٥ - ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>